الغلاف
على الأرجح، ليست مصادفة أن يولد نزار قباني (21 آذار/ مارس 1923 ــــــ 30 نيسان/ إبريل 1998) في مثل هذا التوقيت! نقصد الانقلاب الربيعي، ويوم الشعر العالمي، فهو منذ ذلك التاريخ يهدينا شعراً بمذاق مختلف اجتاز الشوارع والساحات والمنابر، ثم اقتحم أسرّة العشاق. شاعر غرّد خارج السرب، مؤسّساً لقصيدة عربية إيقاعية مغايرة في المبنى والمعنى، مثل خزّاف يحوّل الطين إلى صلصال، أو مثل بركان أطاح الأرض المستقرة. هكذا، بوصفة سحرية، استدرج الذائقة إلى ضفاف خصبة بالمعاني والدلالات الشعرية، منتقلاً من الغريزي إلى الجمالي. هكذا أيضاً دخل منطقة النار مشعلاً الحرائق في كل مكان برفع الكلفة بينه وبين «لسان العرب» و«محيط المحيط»، وأقنع اللغة أن تجلس مع الناس في المقاهي والحدائق العامة، وتقرأ صحف اليوم حتى لا تنسى الكلام وفق ما يقول في «قصتي مع الشعر». نظنّ أن معجم صاحب «قالت لي السمراء» تسلّل إلى معظم تجارب الشعراء اللاحقين بنسبٍ مختلفة، فهو كما قال عنه الراحل صلاح ستيتية: «موسيقار الكمان، من يلعب بكمانه على السطح»، فيما عدّه محمود درويش «أمير الشعراء العرب» كأنه «خطّ يخترق تاريخ الشعر العربي غير مكترث بأسئلة...