لم يكن مفترضاً أن يكون الحديث عن مشاركة منتخب لبنان للفوتسال في بطولة آسيا في الإمارات الشهر الماضي سلبياً. فالمعطيات كانت تشير جميعها الى أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها، وقد تحمل لبنان الى العالمية عبر التأهل الى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى. لكن مشوار لبنان لم يذهب أبعد من الدور ربع النهائي حين خسر أمام تايلاند 3 - 5.هو هدف واحد قلب الأمور. فلو أن لبنان خسر 4 - 5 لكن اليوم في المونديال كأفضل الخاسرين في ربع النهائي، ولكان الجميع يهللون ويباركون للعاملين في هذا المجال.

لكن كما يقال «الخسارة يتيمة والفوز له ألف أبٍ»، وهي تنطبق على منتخب الفوتسال الذي يبدو أنه يحتاج الى «نفضة» في العقلية على صعيد اللعبة عموماً وليس على صعيد المنتخب، وهو أمر تلمسه من الحديث مع رئيس اللجنة سمعان الدويهي.
سيمون استقال من رئاسة اللجنة أول من أمس عبر كتاب قدمه الى الاتحاد، مرفقاً فيه تقريراً عن مشاركة المنتخب في بطولة آسيا. استقالة يعتبرها البعض مناورة، نظراً إلى أن الأمور محسومة لمصلحته، لكن الدويهي يعتبرها بديهية ويجب أن تلي أي إخفاق يحصل في أي مشاركة.
الاستقالة لم تناقش رسمياً داخل اللجنة العليا التي غاب عنها محمود الربعة لوجوده مع منتخب دون الـ22 عاماً في الكويت، ورهيف علامة المستقيل، إذ اضطر الرئيس هاشم حيدر إلى المغادرة باكراً خصوصاً أن الجلسة تأخر انعقادها بسبب زيارة المنتخب لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
لكن رأي الأعضاء الحاضرين كان ضد قبول الاستقالة، وهو أمر سينسحب على الجلسة المقبلة حيث ستجري مناقشة التقرير والاستقالة بحضور حيدر. هذا يعني أن الدويهي باقٍ مبدئياً، لكنّ بقاءه مرتبط بمجموعة شروط تتعلّق باللعبة، تبدأ من المدرب مروراً بالأندية وانتهاءً باللاعبين.
بالنسبة إلى المدرب يرى الدويهي أن بقاءه ضرورياً نظراً إلى تفرغه، «ما يسمح له باكتشاف لاعبين جدد عبر جولات على المدارس والأكاديميات، وهو أمر مهم لتطوير اللعبة أكثر من إقامة بطولة للناشئين. فمن أين ستستقدم الفرق لاعبيها؟ فالمدارس والأكاديميات لديها مواهب كثيرة تحتاج إلى من يكتشفها. والجيد في الموضوع أن نظام التواقيع سيتغيّر في لبنان بتعليمات من الفيفا، وبالتالي لا يخاف الصاعدون من أن يبقوا أسرى أنديتهم».
ويشدد الدويهي على أهمية المدرب الأجنبي لرفع المستوى كما حصل مع دول عربية كالكويت والإمارات وقطر، وهو ما انعكس على نتائجهم، وخصوصاً الكويت التي تأهلت الى بطولة العالم محتلة المركز الخامس.
أما الشرط الثاني فهو تعاون الأندية ومجاراة رؤية الاتحاد عبر استقدام مدربين أجانب لرفع مستوى لاعبيهم «كي لا يأتوا الى المنتخب غرباء عن أساليب الفوتسال الحديثة». ويرفض الدويهي مقولة عدم وجود إمكانيات مادية، فأول سبورتس قادر على استقدام مدرب ما دام يخصص رواتب محترمة لأشخاص ضمن الجهاز الفني والاداري. «فالمدرب الأجنبي لا يحتاج الى أموال طائلة، فبمبلغ بين 3 و4 آلاف دولار يمكنك التعاقد مع مدرب جيد».
والمشكلة ليست في المدرب اللبناني بل في عدم تفرّغه، «فالأجنبي يأتي الى الملعب وتمرينه محضّر على الورق، الى جانب لمسته الفنية وإدخال مفهوم الـ«SYSTEM» الى الأداء، وهو ما ظهر من خلال لاعبي المنتخب الذين التزموا بالتمارين وحفظوا الألعاب، كعلي الحمصي وخالد تكه جي وقاسم قوصان وكريم أبو زيد الذين دمروا الفرق حين كانوا يلعبون في حين أن هيثم عطوي كان يحتاج الى توجيه وإرشاد من قبل تكه جي في الملعب كي يفهم الخطط، وهذا سببه عدم الالتزام بالتمارين. الفوتسال أصبح علماً ولم يعد رمي كرة والجري خلفها».
هذا الأمر يوافق عليه عدد من اللاعبين. فحين يقول اللاعب رامي اللادقي «إننا تعلمنا في 3 أشهر ما تعلمناه في 10 سنوات»، وحين يقول كريم أبو زيد «أتمنى بقاء المدرب فهو محترف ومتطور تقنياً»، وحين يرى القائد خالد تكه جي الذي احترف في قطر وهو من أفضل لاعبي المنتخب أن باكو رفع مستواه من 30% الى 90%، حينها تعلم مدى أهمية المدرب الأجنبي.
الأمر الثالث هو انتشار اللاعبين في الأندية وعدم تجمّعهم في فريق أو إثنين، إذ ينتقد الدويهي ما يقوم به «أول سبورتس»، وسبق أن فعل الصداقة الأمر عينه، على صعيد الاستعانة بلاعبين من أندية أخرى لبطولة آسيا كالحارس ربيع الكاخي وعلي الحمصي وكريم أبو زيد، «فهذا هو منتخب لبنان مع 3 لاعبين أجانب. وهذا يدل على وجود خطب ما في تلك الأندية. فعلي طنيش كان أمام أعين مسؤولي النادي ولم يكتشف أهميته حتى جاء المدرب باكو واكتشفه».
ويتطرّق الدويهي بأسى الى تعاطي بعض اللاعبين مع المنتخب، «فالذين شتموا المدرب والاتحاد هم من اللاعبين القدامى كهيثم عطوي ومحمود عيتاني وجوني كوتاني»، لكن الاتكال يبقى على اللاعبين الجدد المنضبطين كرامي اللادقي وكريم أبو زيد. فالمنتخبات لا يمكن أن تكون فرق «مرتزقة» من يستفد يبقَ ومن لا يستفيد يرحل. والكلام ليس محصوراً باللاعبين، فالجميع مستفيد من اللعبة، ومن يقل إنه يريد الاستقالة يجب أن يترك اللعبة كلياً، وليس أن يترك المكان الذي لا يستفيد منه، فيما هذا المكان هو الذي أوصله الى أمكنة أخرى يستفيد منها مادياً»، يقول الدويهي بأسف.
خطأ الدويهي كان بالتأخّر في طلب التعاقد مع مدرب أجنبي الذي هو حاجة ماسة للمنتخب، انطلاقاً من كونه متفرغاً أكثر من المدربين المحليين الذين يعملون في إطار العلاقات العامة أفضل من المدرب الأجنبي لكنهم غير متفرغين (لهم أعمالهم الخاصة) ولديهم فرقهم. فاللعبة تحتاج الى من يعطيها كل وقته، فسابقاً كان مدرب المنتخب دوري زخور «الذي هو بمثابة أخ لي، لكنني قررت الاستعانة بمدرب أجنبي وحاولت الحفاظ على كرامته من خلال إبقائه ضمن الجهاز الفني».