بعد الأزمة الاقتصادية والنقدية التي قلبت البلاد رأساً على عقب، بدأت المرافق العامة تبحث عن سبل تمويلها بشتى الوسائل، ومن بينها القوى الأمنية كقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام . تتنوع هذه الخدمات المأجورة بين خدمات ترتبط بمعاملات المواطنين لدى هذه المؤسسات كجوازات السفر أو الإقامة، أو خدمات ترتبط بالأمن والنظام والتنظيم كالحراسة ومرافقة الشخصيات الراغبة بالحماية، ويذهب ريع البدلات المدفوعة مقابل الخدمات المأجورة الى تقديمات اجتماعية يستفيد منها العسكريون في هذه المؤسسات الأمنية عبر صناديق الاحتياط العائدة لكل منها.
(هيثم الموسوي)

لكن، لم تقم جميع هذه المؤسسات الامنية بتعديل كافة خدماتها المأجورة، فمعظمها لا يزال بعشرات الآلاف من الليرات فقط، فهل تعمد الحكومة الى تعديل بدلات الخدمات بما يؤدي الى رفد هذه المؤسسات الأمنية بعائدات جيدة تعيد للضباط والعسكريين جزءاً من تقديماتهم الاجتماعية التي فقدوها بسبب الأزمة؟.
حين أنشئت في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عام 1961 مؤسسة أطلق عليها اسم «صندوق احتياط المديرية لقوى الأمن الداخلي»، كان الهدف تقديم المساعدات المالية، عند الحاجة، الى رجال قوى الامن الداخلي وعائلاتهم أو مساعدات اجتماعية مختلفة، ومنح مكافآت لمن يتميزون من رجال قوى الامن الداخلي بأعمال باهرة. وكانت العائدات المستوفاة من المؤسسات او الهيئات الخاصة او الاشخاص لقاء خدمات يؤديها رجال قوى الامن الداخلي تشكل أحد مصادر العائدات التي لا تحظى بالاهتمام جراء عدة عوامل، أهمها أن الحاجة للعائدات المالية كانت محدودة في ظل وفرة مقبولة من الاعتمادات المخصصة للمديرية.

متى أنشئ صندوق احتياط قوى الأمن الداخلي؟
عام 1967، نصت المادة 151 من المرسوم الاشتراعي رقم 54 تاريخ 5/8/1967 (تنظيم قوى الامن الداخلي) على إنشاء صندوق الاحتياط في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لمساعدة رجال الدرك والشرطة المعوزين وعائلاتهم ومكافأة الذين يقومون بأعمال تستحق التقدير. وكان سبقه صدور المرسوم رقم /7847/ تاريخ 14/10/1961 حول إنشاء صندوق احتياط قوى الامن الداخلي. وتضمنت المادة 4 من القانون رقم /17/ تاريخ 06/09/1990 حول تنظيم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أن الخدمات الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تؤدّى لرجال قوى الامن الداخلي، بما فيها ادارة الصناديق ذات الطابع الخاص التي تنشأ لهذه الغاية، يُعهد بها الى وحدة خاصة تخضع ايضا لسلطة المدير العام. كما تناولت المادة 6 إدارة الخدمات الاجتماعية التي تضم مجلة قوى الامن الداخلي والصناديق ذات الطابع الخاص التي تنشأ بمراسيم لصالح قوى الامن الداخلي والمؤسسات التابعة لهذه الصناديق والنوادي وسائر الخدمات الثقافية والفكرية والاجتماعية، ومنها بالطبع صندوق الاحتياط.



ما هي الخدمات المأجورة لدى قوى الامن الداخلي وما هي كلفتها؟
الخدمات المأجورة هي كل خدمة تتطلب تقديم عناصر من قوى الامن، ومنها مواكبة الشخصيات، وحراسة الأماكن غير الداخلة ضمن واجباتها وتنظيم السير وغيرها من المهام التي لا تكون داخلة أصلا في اختصاص هذه القوى. وتدخل في حكم الخدمات المأجورة تلك التي تؤدى لمصلحة المؤسسات أو الهيئات الخاصة او الاشخاص بناء على طلب خطي توجهه هذه الفئات الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي او الى سلطات قوى الامن التي يفوّضها المدير العام بذلك، وتعتبر من الخدمات المأجورة:
خدمات حفظ النظام داخل الأماكن الخاصة المسورة (ميدان السباق - الملاعب الرياضية - المعاهد والمدارس بمناسبة حفلات تقام فيها - قاعات المحاضرات - المسارح ودور السينما الخ...).
خدمات حفظ النظام على مداخل الأماكن الخاصة المسورة.
خدمات تنظيم السير في مواقف خارجة عن نطاق الطرقات العامة عندما يكون مفروضا على المنظمين ان يتعهدوا هذا العمل بأنفسهم.
حراسة أو حماية المصارف غير الحكومية او المؤسسات الخاصة.
مواكبة الأموال التي تنقل لغير مصلحة الدولة أو المصارف أو المؤسسات الحكومية، وفي هذه الحالة تكون وسائل النقل على نفقة أصحاب العلاقة.
مواكبة سباقات السيارات والدراجات النارية.
الخدمات التي تؤديها موسيقى قوى الأمن في غير الاحتفالات الرسمية المدنية أو العسكرية عبر مشاركة موسيقى قوى الأمن في مهرجانات ومناسبات خاصة. ويفهم بالاحتفالات الرسمية المدنية تلك التي يرأسها رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو ممثلون عنهم.

ما هو الحدّ الأدنى المعتمد لدفع كلفة الخدمات المأجورة لدى قوى الأمن؟
ترتبط هذه الخدمات بالحد الأدنى للأجور النافذ في الإدارات العامة. ولكن، في الأيام الراهنة، أصبح الحد الادنى للرواتب والاجور النافذ في الإدارات العامة مختلفا عن الحدّ الأدنى الرسمي للأجور الذي يشمل الخاضعين لقانون العمل ، فالأول لا يزال يبلغ 675 ألف ليرة في حين أن الثاني 18 مليون ليرة.
وقد حدد القانون 46/2017 في مادته الأولى الحد الأدنى للرواتب والأجور في الإدارات العامة والبلديات واتحادات البلديات وفي الجامعة اللبنانية وفي المؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل بمبلغ 675 ألف ليرة، في حين حدد المرسوم رقم 13164/2024 (مرسوم تعيين الحد الادنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل ونسبة غلاء المعيشة) الحد الأدنى للأجور بمبلغ 18 مليون ليرة شهرياً. فهل ستعمد الحكومة الى تصحيح المرسوم رقم /7847/ تاريخ 14/10/1961 واستبدال عبارة الحد الادنى للرواتب والاجور النافذ في الادارات العامة بعبارة عن الحدّ الأدنى الرسمي للأجور.
الخدمات المأجورة هي كل خدمة تتطلب تقديم عناصر من قوى الأمن ومنها مواكبة الشخصيات وحراسة الأماكن غير الداخلة ضمن واجباتها وتنظيم السير وغيرها من المهام التي لا تدخل أصلا في اختصاص هذه القوى


خدمات مأجورة من الأمن العام
عام 1974 تم تنظيم صندوق احتياط الأمن العام بموجب المرسوم رقم 7264 تاريخ 19/02/1974، وتضمّن المرسوم بدلاً عن الخدمات المأجورة، ولكنها لا تزال هزيلة رغم تعديلها مراراً وتكراراً، سيما أنها لم تتعدل بعد العام 2019 حيث لا تزال 35 الف ليرة و55 ألف ليرة و100 ألف ليرة باستثناء رفع قيمة خدمات عدد من المعاملات كالخدمات المأجورة العائدة لجوازات السفر والإقامات كخدمة تسليم جواز السفر خلال فترة وجيزة مثلا، وهي رسوم تختلف عن الرسوم التي تتقاضاها الخزينة من المواطنين.

خدمات مأجورة من أمن الدولة
في أيار 2024 و بموجب المرسوم رقم 13388 /2024 تم تنظيم صندوق احتياط في المديرية العامة لأمن الدولة على غرار صندوق احتياط قوى الأمن الداخلي وتضمن الأحكام نفسها التي تناولت الخدمات المأجورة لقوى الأمن الداخلي وتم تحديد بدلات الخدمات المأجورة بنسبة من الحد الادنى للرواتب والاجور النافذ في الإدارات العامة.
مرسوم إنشاء صندوق احتياط في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي مرسوم رقم 7847 تاريخ: 14/10/1961



واردات صندوق احتياط قوى الأمن الداخلي
يتغذى صندوق هذه المؤسسة من الواردات التالية:
1. حصص الجزاوات التي تحوّل إليه بموجب القوانين والأنظمة، ومنها عائدات محاضر الضبط المحددة بـ 20% من قيمة المحاضر.
2. التبرعات.
3. المساعدات الحكومية.
4. العائدات المستوفاة من المؤسسات أو الهيئات الخاصة او الاشخاص لقاء خدمات يؤديها رجال قوى الامن الداخلي وهي المعروفة بالخدمات المأجورة.
5. ارباح المهرجانات واليانصيب وسواها التي تجنى بصورة شرعية لمصلحة هذه المؤسسة.
6. ارباح نادي قوى الامن الداخلي للرماية وأرباح المطاعم وصالونات الحلاقة.