الخرطوم | على وقع اشتداد المعارك، حلّ العيد الرابع على السودانيين منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في الخامس عشر من نيسان/ أبريل من العام الماضي. وفيما يتواصل القتال بين الطرفين، تستمر معه عمليات النزوح للفارين من ويلاته، خاصة في ولاية الجزيرة وإقليم دارفور، ولا سيما في ولاية شمال دارفور، وتحديداً عاصمتها مدينة الفاشر، التي شهدت، أخيراً، حركة نزوح واسعة لمئات المدنيين الفارين من العمليات الحربية، ومن شبه حصار تفرضه «الدعم» على المدينة منذ أكثر من شهر في محاولة لإسقاطها، وفرض سيطرتها على كل الإقليم، وذلك رغم صدور قرار «مجلس الأمن» القاضي بفك الحصار عن الفاشر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إليها. وشهدت معارك الفاشر، أخيراً، تقدماً للجيش الذي استمات في الاحتفاظ بالمدينة، مكبداً «الدعم السريع» خسائر من بينها مقتل قائد القوة المهاجمة، اللواء علي يعقوب، الذي يُعدّ أحد القادة البارزين في «الدعم»، وخلّف مصرعه إضعافاً لمعنويات «قوات حميدتي». ومع ذلك، فإن هذه الأخيرة التي حشدت من جميع ولايات السودان، بما فيها الخرطوم، لمعركة الفاشر، لا تزال «تعول على إسقاط المدينة حتى تتمكن من بسط سيطرتها على الإقليم». وعلى خط مواز، تخوض بعثة السودان حراكاً ديبلوماسياً داخل أروقة مجلس الأمن في نيويورك، حيث قدمت في جلسة مغلقة ملفاً يحوي عدداً من الأدلة على ما تقول إنه دعم دولة الإمارات لـ«الدعم السريع». وأفادت البعثة بأن الجيش ضبط أثناء معركة الإذاعة في آذار الماضي، عدداً من الأسلحة والمقذوفات المخصّصة للطائرات المسيرة والتي كانت في قبضة «الدعم»، إضافة إلى كمية من «مقذوفات المدافع التي صنعت خصيصاً للقوات المسلحة الإماراتية»، كما تم ضبط «أجهزة اتصالات لا سلكية لمصلحة مؤسسة الإمارات للاتصالات، وشملت أجهزة من أطرزة «سيمنز» و«نوكيا» و«بانسوينك»». أيضاً، ادعت البعثة أنه جرى ضبط جوازات سفر لستة إماراتيين في قيادة القوات الخاصة لـ«الدعم»، في منطقة الخرطوم بحري.
وفي جلسة أخرى علنية، طالب مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، مجلس الأمن، بعرض الأدلة التي حصل عليها، لإثبات «مدى تورط الإمارات في الحرب الدائرة في السودان». وفي رده على مداخلة مندوب الإمارات في المجلس، الذي اتهم الجيش بعرقلة مفاوضات جدة وإعاقة توصيل المساعدات الإنسانية، قال إدريس إن «من يريد صنع السلام عليه أن يأتي بقلب سليم»، مجدداً اتهامه أبو ظبي بأنها «ترعى الإرهاب والتصفيات العرقية، وأن تقرير لجنة الخبراء أثبت ذلك منذ ديسمبر الماضي». وأضاف: «حشدنا للمجلس الأدلة والصور، لكن دولة الإمارات بفعلها وشرها عرقلت الاجتماع بصيغته المطلوبة»، معتبراً أن «دولة الإمارات مدانة والمدان لا يكون شريكاً في السلام».
جددت قيادة الجيش رفضها استئناف المفاوضات ما لم تلتزم «الدعم» بمخرجات جدة


وفي أول ردة فعل على السجال السوداني - الإماراتي داخل مجلس الأمن، تحدثت مصادر عن إغلاق دولة الامارات حسابات تخص الحكومة السودانية في فرع «بنك النيلين» في مدينة أبو ظبي. وأوضح مصدر ديبلوماسي مطلع، في حديث إلى «الأخبار»، أن «فرع بنك النيلين في مدينة أبو ظبي يشكل نافذة السودان الوحيدة لشراء احتياجاته من الخارج»، لافتاً إلى أن «إغلاق البنك ومصادرة أمواله، إن صحّ، سيؤدي إلى خنق البلاد اقتصادياً عبر إيقاف استيراد حاجيات السودان من المواد الغذائية والوقود»، مستدركاً بأنه «في حال مضت العلاقات مع روسيا على النحو المطلوب، فسيؤثر ذلك على موقف السودان في شكواه لدى مجلس الأمن، فلدى روسيا وسائل ضغطها على الإمارات وغيرها من الدول في المحيط الإقليمي». ويتوقع المصدر أن تحشد الإمارات وتدفع الكثير من الأموال من أجل إجهاض شكوى السودان، لافتاً إلى أنها «ستستخدم كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة من إغراءات وضغوطات مع الدول الغربية وغير الغربية الأعضاء في مجلس الأمن». ويستبعد المصدر الديبلوماسي اتخاذ أبو ظبي ردة فعل على مستوى التمثيل الديبلوماسي بين البلدين، ذلك أن «قطع العلاقات الديبلوماسية أو توترها مع الخرطوم بصورة علنية يعني أن أبو ظبي تسعى إلى إيجاد مبرر يمنحها الحق في مساعدة حميدتي».
وكانت حثت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، الحكومة السودانية، على العودة إلى منبر التفاوض في مدينة جدة. لكن قيادة الجيش جددت رفضها استئناف المفاوضات ما لم تلتزم «الدعم» بمخرجات جدة الموقعة في أيار/ مايو 2023. وقال مساعد القائد العام للجيش، الفريق أول ياسر العطا، لدى مخاطبته جنود منطقة أم درمان العسكرية، إن «قيادة الجيش متماسكة، وهدفها السلام الذي يدحر عرب الشتات (يقصد قوات الدعم السريع) ومحاكمة كل من أسهم في إذلال وقتل وتشريد الشعب السوداني»، مضيفاً أن «كل من لديه رؤية تفاوض عليه أن يبلها ويشرب مويتها»، في إشارة إلى رفض الجيش أي مبادرات تقود إلى تسويات سياسية.