من جهته، كشف مصدر كردي مستقل، لـ«الأخبار»، أن «مجموعة من السياسيين والوجهاء والفعاليات الاجتماعية والأهلية الكردية تتحضر لإطلاق مبادرة لإحياء الحوار الحكومي مع الإدارة الذاتية وقسد»، لافتةً إلى أن «المبادرة تتوازى مع ضغوطات أميركية وفرنسية لإحياء الحوار الكردي - الكردي، تمهيداً لتوقيع اتفاقية مصالحة بين الجانبين». كما كشف المصدر أن «واشنطن وباريس أبلغتا قسد عدم اعتراضهما على أي خطوة للحوار والمصالحة سواء مع الحكومة أو المعارضة». وأشار إلى أن «كلاً من الحكومة والإدارة الذاتية أبدت انفتاحاً على المبادرة، مع إمكانية البدء بالقضايا الأقل خلافية، للوصول إلى محددات أساسية للحوار»، مستدركاً بأن «الوصول إلى اتفاق بين الطرفين مهمة صعبة جداً، في ظل الخلافات العميقة بينهما». واعتبر أنه «رغم صعوبة المهمة، إلا أن الحوار هو الحل الأفضل، في ظل وجود توجهات تركية خطيرة إلى احتلال مزيد من الأراضي السورية».
تبقى جدية «الذاتية» في الحوار مرهونة بضوء أخضر من الولايات المتحدة
والظاهر أن «الذاتية» هي التي عمدت إلى تسريب المعلومات عن السعي إلى إطلاق جولات جديدة من الحوار مع الحكومة، وذلك بعد أن استشعرت خطر شنّ الأتراك عملية عسكرية جديدة ضدها، خاصة مع نجاح الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في الحصول على دعم الحكومة العراقية لمثل هذه العملية، وقبول الأخيرة تصنيف «حزب العمال الكردستاني»، لأول مرة، على لائحة الإرهاب. كما أن تصريحات رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عن «وجود وساطة عراقية لإنجاز مصالحة سورية - تركية، وإمكانية اتخاذ بعض الخطوات في هذا المجال في الأيام القادمة»، ضاعفت مخاوف «قسد» من اتفاق سوري - عراقي - تركي ضدها.
ولذا، هي بدأت اتخاذ إجراءات «تراجعية» منها تأجيل الانتخابات المحلية التي كانت مقررة في الحادي عشر من الجاري إلى شهر آب، ما اعتُبر بمنزلة إلغاء لها. كما أنها أرسلت وفوداً إلى كل من دمشق وحميميم لمعرفة وجهة نظر الطرفين حول التهديدات التركية الجديدة، والتحقّق من عدم وجود أي تغيّرات إستراتيجيّة في التوجهات العامة لديهما.
ورغم ما تقدّم، تبقى جدية «الذاتية» في الحوار مرهونة بضوء أخضر من الولايات المتحدة، التي يظلّ وجودها العسكري على الأرض عثرة ثابتة في وجه مثل هذا الاتفاق، يُستبعد عقده في المدى المنظور، في ظل خلافات تتعلّق بالنفط، واستحالة استغناء دمشق عن فكرة إدارة مناطق شمال شرق سوريا إدارياً وعسكرياً، لمصلحة «قسد».