ربما لن يشفع كلام سمير يوسف، معدّ ومقدّم برنامج «عاطل عن الحرية» على mtv، ما ختم به حلقة الأمس، من سلسلة أسئلة طرحها حول قضية مقتل منال عاصي على يد زوجها محمد نحيلي، ومحاولة إرساء توازن في القضية، بين «ذكورية سيطرت على نحيلي»، وحاجات زوجته التي تتخطى «تأمين الماديات». كل هذا الكلام الذي انتهت به الحلقة، لن يؤثر بطبيعة الحال، على سياقها. فإعلانها الترويجي وشى منذ البداية بأنها ستكون غير متكافئة، ترجح كفتها نحو الرجل المدان الذي ارتكب الجريمة. احتمال تكرّس واقعاً، مع استحواذ المحطة على «سكوب» تلفزيوني، هو ظهور نحيلي المحكوم عليه 18 عاماً من سجن «رومية»، بعد مرور أربع سنوات على محاولات إقناعه بذلك، كما قال يوسف في بداية الحلقة.

حاولت المحطة والقائمون على البرنامج، التنصل من مسؤولية ما قاله نحيلي في الحلقة، عبر وضع إشعار خطي في مستهلها، يفيد بأن المحطة «لا تتبنى» كلامه، وأنّ «لا حجة مهما كانت تبرر الجريمة». 53 دقيقة مدة الحلقة، راوحت بين اعادة المشاهد التمثيلية -تبعاً لرواية نحيلي-، وشهادات لوالدة المغدورة، وممثلين أديا الادوار (رودريغ سليمان، كريستين شويري)، واختصاصية علم النفس، كلير عواضة، ومحامي الجاني أحمد بدران، وحياة إرسلان وغيرهم. حلقة كرست في سياقها واقعاً يراد له التسويق ـ ربما ثمناً لظهور نحيلي على الشاشة ـ بأن الأخير أقدم على جريمته، «ثأراً لكرامته وشرفه»، وفي لحظة غضب «سوداء» اوصلته الى مرحلة «الجنون» كما وصفتها الاختصاصية النفسية، والتركيز على مبدأ بأنه نادم على فعله اليوم. هذا ما كررته مشاهد البكاء والتفجع التي بدت على نحيلي، بالإستعانة بالمؤثرات الصوتية والبصرية. الحلقة التي افتقدت الى التوازن الموضوعي، ذهب أغلبها تجاه الجاني، تكريساً لمنطق ذكوري مقيت ومبرر إجتماعياً. وقد طعّمت بكلام وشهادات، لا ترقى الى بناء منطق يحكم بعدل إزاء ما حدث قبل أربع سنوات، من جريمة هزت الرأي العام اللبناني. والأنكى، أنها أخّرت قصة زواجه الثاني، وربما برّرته مقابل تظهير «خيانة» منال عاصي، الى جانب تحوير الجريمة عبر توصيفات لا تمت بالواقع بصلة، كاعتبارها «مشكلاً بين رجل وزوجته أدى الى مقتلها»، و«إشكالاً حصل». ولعل المقطع الأكثر خطورة، تجلى في إختلاق مشهد تمثيلي متخيل، أدته شويري، حيث ظهرت منال عاصي، كأنها تتحدث من قبرها، وتقول بأنها لا تريد لأحد أن يتحدث بإسمها، وتعطي نصيحة متأخرة لقاتلها بأنّ الحوار كان ليحيل دون هذه الجريمة.