التنافس المستمر بين آرسي وموراليس، يشلّ قدرة الحكومة على مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة
وكان زونيغا الذي تولى قيادة الجيش البوليفي قبل عامين (2022)، قد فُصل من منصبه يوم الثلاثاء إثر إدلائه بتعليقات مسيئة إلى رئيس البلاد الأسبق، إيفو موراليس - الذي ينتمي إلى حزب آرسي نفسه -، تعهد فيها باعتقال الأخير إذا حاول العودة إلى تولي الرئاسة مجدداً. والجدير ذكره، هنا، أن موراليس أُجبر على ترك منصبه في عام 2019 من قبل قادة الجيش الموالين للولايات المتحدة، والذين اتهموه بمحاولة التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية، لينتهي وقتها إلى منفى في المكسيك. وسبق أن تمكّن موراليس، الذي تولى منصب الرئاسة ثلاث مرات بداية من عام 2005، من إرساء فترة من الاستقرار السياسي والاجتماعي طالما افتقدت إليها الجمهوريّة قبله.
وبناءً على تسلسل الأحداث الأخيرة، تبدو محاولة الانقلاب مرتجلة، وأقرب إلى فورة تمرّد غير مدروس من قبل دائرة صغيرة من الضباط المحبطين بسبب إقالة قائدهم، لكن ذلك لا يعني بأي حال أن التيار اليميني في البلاد، والمدعوم من الولايات المتحدة، سيتوقف عن التآمر لإزالة اليسار من السلطة، إن لم يكن بتحرك محكم من الجيش، فعبر المؤسسات الدستوريّة. وسخرت أندريا باريينتوس، عضو مجلس الشيوخ والمعارضة اليمينية البارزة، من المحاولة الانقلابيّة الفاشلة، وقالت إن الأزمة الاقتصادية والقضائية ربما تكون قد دفعت آرسي إلى ترتيب ما أسمته «انقلاباً ذاتياً»، و«إننا لذلك بحاجة إلى تحقيق معمّق في هذا الوضع، وسيكون لدى الحكومة الكثير من الأسئلة للإجابة عليها أمام شعب بوليفيا تالياً».
على أن اللافت في كل مشهدية الأمس، هو تلبية الآلاف من البوليفيين نداء آرسي من فورهم، واحتشادهم أمام قوات الجيش في ميدان موريلو وفي محيطه، حيث لوّحوا بالأعلام البوليفية، مكررين النشيد الوطني والهتافات المندّدة بالانقلاب. كما أن أهم اتحادات العمّال دعا، من جهته، إلى التعبئة لمواجهة الانقلابيين، فيما أهاب موراليس بأنصاره – ولا سيما من أهل البلاد الأصليين – أن يهبوا إلى الشوارع للدفاع عن النظام، مديناً المحاولة الانقلابيّة، وداعياً إلى توجيه تهم جنائية ضد الجنرال زونيغا وزمرته. وإذ قوبل فشل المحاولة الانقلابية بارتياح شعبي، فإن ذلك لا يبدو مستغرَباً بالنظر إلى أن شعوب أميركا اللاتينية عموماً تحتفظ بذاكرة سوداء عن انقلابات العسكر وحكوماتهم الفاشية المجرمة.
وعلى رغم هذا الالتفاف حول الحزب الحاكم، إلا أن ما لا يمكن إنكاره هو أن التنافس المستمر بين آرسي وموراليس للسيطرة على الحزب، يشلّ قدرة الحكومة على مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الجمهورية، الأمر الذي يسمح لليمين المتربص، بهامش للمناورة عبر تخويف المواطنين من أن موراليس قد يسعى للترشح مجدداً للرئاسة في انتخابات العام المقبل، رغم أنه ممنوع من ذلك قانونياً. وأحبط حلفاء الرئيس السابق في البرلمان، بشكل متكرر، محاولات الرئيس الحالي الاستدانة من الخارج بغرض تخفيف الضغوط المعيشية على المواطنين، في ظل تراجع قيمة العملة المحليّة أمام الدولار.