منذ أكثر من 7 سنوات، تحاول بلديّة الغبيري من دون جدوى وقف التعديات على عقارات خاصّة تحوّلت إلى «مقابر بئر حسن» يُدفن فيها المسلمون من السنّة والشيعة. يبرز المعنيون في البلدية عشرات الكُتب المُرسلة إلى المعنيين، من رئاسة الحكومة إلى وزارتَي العدل والداخلية، مروراً بشكاوى إلى النيابة العامّة التمييزيّة والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ضد وضع أشخاص أيديهم على المدافن منذ سنواتٍ طويلة والتصرف فيها كملك خاص. فيما تؤكد المديريّة العامّة للأوقاف الإسلامية التابعة لدار الفتوى ودار الإفتاء الجعفري أن الدفن في مدافن بئر حسن يتم بصورة عشوائيّة ومن دون علمهما، وأنهما لم توليا أي شخص إدارة هذه المدافن.بدأت القضيّة مع وضع أشخاص عديدين أيديهم على العقارات: 289 (تعود ملكيته إلى ورثة بشير الداعوق ونجيب السروجي) و208 و3207 في منطقة الشياح العقارية وقسم من العقار 3208 التابع للبلدية، وتشييدهم مبانيَ داخلها وتأجيرها لعمال سوريين، ودفن الموتى مقابل مبالغ تتعدّى 5 آلاف دولار. ويؤكد متابعون في البلدية أنّ هؤلاء يعملون على نبش القبور وإعادة بيعها إلى «موتى جُدد»! واستمرت هذه المخالفات رغم صدور قرار عن المجلس البلدي مطلع عام 2019 بـ«إقفال المدافن فوراً ومنع أيّ كان من استعمالها أو الدفن فيها، وتكليف شرطة البلدية تنفيذ هذا القرار بالتعاون مع قوى الأمن الدّاخلي». لكنّ المتعدّين نزعوا القرار الذي علّقته شرطة البلدية على مداخل المدافن، زاعمين أن لهم حقاً في العقار، ما دفع بالبلدية إلى اتخاذ صفة الادّعاء الشخصي وتقديم شكوى إلى النيابة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان، بحق حسين ويوسف سلهب بجرم احتلال الأملاك العامّة وتخريبها ومخالفة القرارات البلديّة.
وبعد سلسلة من عمليات الاستجواب أفاد فيها المدّعى عليهم بأنّهم موجودون في المكان بحكم أن والدهم كان يقوم بحفر القبور ودفن الموتى، نافين أي علاقة لهم بالمقابر، أوقف في عام 2022 كل من محمد علي ويوسف وحسين ومحمد فراس سلهب بجرم التعدي على المدافن وتأليف جمعية، وتعهّد الشقيقان حسين ويوسف بعدم الدخول إلى أرض المقبرة. غير أن البلدية تؤكد أن التعديات لم تتوقّف، وأن المجموعة عادت إلى عملها كالمعتاد، ما دفع برئيس البلدية معن خليل إلى إعادة تحريك الملف. وعلمت «الأخبار» أنّ اجتماعاً عُقد بين خليل ومعنيين في «المجلس الشرعي» أفضى إلى تسجيل عضو المجلس، الشيخ فؤاد زراد، كتاباً في قلم المجلس في أيّار الماضي، وحمل الرقم 126/2024، لمتابعته في المجلس ومديرية الأوقاف الإسلامية. كما سبق لزراد أن أثار الأمر مع وزير الداخلية بسام مولوي الذي لفت إلى أنّ الأزمة تكمن في كوْن العقار ملكاً خاصاً، مُبدياً استعداده لوضع أجهزته في تصرف دار الفتوى من أجل تأمين عدم التعدي على المدافن.
ويُنتظر أن يتابع القضاء الشرعي القضية بعدما تقدّم خليل بإخبار إلى المحكمة الشرعية السنية في أيار الماضي «من أجل كفّ اليد عن العقارات ومنع المتعدّين من هتك حرمة الأموات».