اقترح عضو كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي بلال عبد الله تعديل الفقرة الأولى من المادة 68 في المرسوم الاشتراعي 112، أو ما يعرف بـ«قانون الموظفين» بهدف رفع سن التقاعد سنتين لموظفي القطاع العام من الفئات الخامسة والرابعة، وأربع سنوات لموظفي الفئة الثالثة والثانية والأولى. الاقتراح يأتي بمثابة استمرار في سياسة «الترقيع»، إذ لا دراسة لسلسلة رتب ورواتب جديدة، بل مساعدات للموظفين من خارج أساس الراتب، ولا مباريات لملء الشغور في الدوائر الحكومية والبالغ 73%، في مقابل إبقاء الموظف المسن المقبل على التقاعد، وتمديد خدمته عدداً آخر من السنوات، وكأنّ المطلوب التخفيف من أعداد المتقاعدين استجابةً لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد.

7400 وظيفة

مشغولة حالياً في ملاك الإدارة العامة من أصل 27 ألف وظيفة ملحوظة

ينصّ اقتراح عبد الله على أن «يُحال إلى التقاعد، أو يُصرف من الخدمة كل موظف أكمل السادسة والستين من عمره إذا كان من موظفي إحدى الفئتين الخامسة والرابعة، والثامنة والستين إذا كان من موظفي الفئة الثالثة، الثانية والأولى»، إلا أنّه لم يجعل من رفع سن التقاعد أمراً إلزامياً، بل اختيارياً، إذ ترك الحق للموظف بـ«طلب إحالته على التقاعد عند بلوغه الرابعة والستين مكتملة». وبحسب إحصاءات مجلس الخدمة المدنية فإن 7400 موظف يعملون حالياً في الخدمة مقابل شغور 19600 وظيفة. وتشير الأسباب الموجبة إلى ضرورة «التخفيف من الشغور بسبب وقف التوظيف، ما يزيد من صعوبة تعيين موظفين»، و«تحقيق المساواة بين فئات الموظفين، القضاة يتقاعدون عند بلوغ الثامنة والستين، في حين يتقاعد الموظفون المدنيون عند الرابعة والستين، أما العسكريون، فكّلما علت رتبتهم زاد الحد الأعلى لسن الخدمة». وهنا يشير عبد الله إلى خلل في قانون الموظفين، إذ «يجيز للقضاة العمل بصفة مديرين عامين في الإدارات العامة، ويستمرون في عملهم حتى بلوغ الثامنة والستين خلافاً لأقرانهم من الموظفين».

المطلوب تخفيف أعداد المتقاعدين استجابةً لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد


وفي اتصال مع «الأخبار»، توسّع عبد الله أكثر، مؤكّداً أنّ اقتراحه ليس جديداً، بل عمره 3 سنوات. ولإعادة تفعيله أزال عنه صفة المعجّل المكرّر، ليدخل إلى مسار البحث في اللجان النيابية، إذ إن الجلسات التشريعية الماضية كانت بجداول أعمال محدودة لم تُتح وصوله إلى الهيئة العامة. كما رأى عبد الله «أنّ الأساس هو ضخّ دم جديد في عروق الإدارة، وإعادة هيكلتها عبر الاستغناء عن وظائف قديمة مثل المحرّر والكاتب، واستبدالها بوظائف حديثة مثل عامل المكننة». وعدّ اقتراحه «حلّاً مؤقتاً كي لا تصبح الإدارة في الدولة كلّها بالوكالة والإنابة، ما يجعلها خارج سلطة الأجهزة الرقابية، فضلاً عن أنّ الموظف المعيّن أقدر على قول كلا للسلطة السياسية». كما لفت إلى إمكانية المقترح «معالجة الشغور في الإدارة الذي وصل إلى حدود 73% في كلّ الفئات، ما ترك الإدارة كلّها بالإنابة والتكليف والوكالة، فضلاً عن استحالة التعيين بسبب الظروف السياسية القائمة، وعدم وضوح أفق نهاية الأزمة، إضافة إلى أنّ الكفاءات الموجودة لدى الموظفين لا يمكن استبدالها بسهولة، والدليل ما حدث في الدوائر العقارية والميكانيك، إذ لم نتمكن من إحضار بدائل».

903 موظفين

هو العدد الذي سيحال إلى التقاعد في عامَي 2024 و2025 في القطاع العام من دون احتساب أفراد الهيئة التعليمية، ويحتمل أن تزيد الأعداد بسبب الزواج وطلبات إنهاء الخدمات


هذه وجهة نظر معدّ المقترح، ولكن للموظفين رأي آخر؛ إذ يعتقد النقابي وليد الشعّار أن رحيل عدد من الموظفين من الخدمة هو «ترييح للإدارة، وفكفكة للعقد»، ولا يخفي أن انتظار الموظفين تقاعد عددٍ من المديرين العامين الحاليين الآتين من خارج الملاك هدفه «إيقاف الكربجة، بينما إقرار هذا الاقتراح سيقضي على أيّ أمل بالإصلاح لأربع سنوات إضافية. الفاشلون سيبقون وأصحاب الكفاءات سيغادرون». وتخوّف الشعار من «أنّ في ذهن كاتب الاقتراح بعض الأشخاص المطلوب تمديد بقائهم في الإدارة، والنص وُضع لضمان التمديد لهم»، لافتاً إلى «توجّه سابق عند عدد من الكتل النيابية لتقديم اقتراحات مشابهة، ولكن عبد الله سبقها جميعاً»، متسائلاً «من هو الموظف غرندايزر الذي وُضع المقترح لأجله؟».

2850

هو عدد الموظفين الذي ستخسره الإدارة العامة حتى عام 2030 بسبب بلوغهم السن القانونية وفي المؤسسات العامة الخاضعة للمجلس (15 مؤسسة) سيبلغ السن 670، ومن البلديات 300 ما يعني بقاء 4 آلاف موظف في كلّ الدولة اللبنانية في نهاية السنوات الستة المقبلة


كذلك يطرح النقابي محمد قاسم مجموعة من التساؤلات حول اقتراح القانون: ماذا عن قدرته على حلّ أزمة الفراغ الوظيفي، والتكليفات غير القانونية مثل تكليف رئيس الدائرة بمهام المدير العام؟ أيعقل أن يستبدل موظف من الفئة الرابعة آخر من الفئة الأولى؟ هل ستتوقف عمليات التعاقد المستمرة تحت مختلف المسميات لدرجة فقدت العبارات التي توصفها من القواميس، من تعاقد على الفاتورة ومستعان بهم وعلى الموازنة...». يجيب قاسم، هذا كلّه توظيف سياسي، وإقراره يساوي زيادة في سنوات القهر والمعاناة للموظفين. والحل الأجدى الذي يمكن أن يقدمه النواب، وفقاً لقاسم، يكون باقتراح قانون لإجراء مباريات مفتوحة تنهي الشغور في الدولة، وتوظف آلاف الخريجين الجدد وتستثمر معارفهم في تطوير الإدارة، فالتمديد سيكون لفئات لم تجد مكاناً آخر للعمل خارج الدولة.



الدولة لا تستفيد من المتقاعدين!
بحسب المادة التاسعة من قانون تقاعد الموظفين، يحتسب المعاش التقاعدي على الشكل الآتي: يقسم آخر راتب تقاضاه الموظف على 40، ويضرب بعدد سنوات الخدمة، ثمّ يحصل على 80% من المبلغ. وفي حال خدم الموظف أكثر من 40 سنة يصرف له تعويض عن كلّ سنة إضافية راتب 3 أشهر. لذا إقرار اقتراح النائب بلال عبد الله قد يكبّد الخزينة أعباءً إضافية، خاصة أنّ عدداً غير قليل من كبار الموظفين دخلوا الخدمة العامة وهم في سن الـ24 سنة، وبذلك تكون خدمتهم وصلت إلى حدود الـ 40 سنة. عبد الله لا يرى مشكلةً في هذه المعادلة، ولا سيّما في حال بقاء الرواتب على حالها، بل بالعكس وجد أنّ الدولة لا تستفيد من المتقاعدين، بالتالي لا مشكلة في زيادة الكلفة والاستفادة منهم.