يُعرف عن المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار (1949) وفاؤه للممثلات اللواتي تولّين بطولة أفلامه، لكنّ ملهمته الأولى والأخيرة، كانت وستبقى مدريد.حتى 20 تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل، تحتضن العاصمة الإسبانية معرضاً بعنوان «مدريد، تشيكا (فتاة) ألمودوفار»، يشكّل تحية لعلاقة الحب بينها وبين الرجل.

ولاحظ أمين المعرض الذي افتُتح في 11 حزيران (يونيو) الماضي، بيدرو سانشيز، أنّ «قصة بيدرو ألمودوفار ومدريد هي قصة حب متبادل. بيدرو ألمودوفار هو بيدرو ألمودوفار بفضل مدريد، إنهما لا ينفصلان». وأضاف في حديث لوكالة «فرانس برس»: «لقد أعاد إلى مدريد كل ما قدمته له، وأكثر، بصفتها ملهمته». وذكّر بأنّ «مدريد تظهر في كل أفلام ألمودوفار. إنّها فتاته الحقيقية، أكثر بكثير مما هي بينيلوبي كروز أو كارمن ماورا أو ماريسا بيريز».

ورأى سانشيز في «مركز كونديه دوكيه الثقافي»، المكان الأنسب لإقامة المعرض. فأمام واجهته تطلب كارمن ماورا في فيلم «قانون الرغبة» (1987) من موظف بلدية ينظف الشارع أن يرشها بالماء. وهذا المشهد الليلي الذي لا يُنسى، خلّد الممثلة التي كانت ترتدي فستاناً برتقالياً فيما كانت حرارة الصيف خانقة. ولاحظ كذلك أنّ «أجانب كثراً يعرفون مدريد أو الثقافة الإسبانية عبر أفلامها. فكما يقصد كثر نافورة تريفي في روما أو حانة أميلي في باريس، يكون أول احتكاك بمدريد عبر ما ورد سينمائياً عنها».

عبر 200 صورة مأخوذة من أفلام ألمودوفار الثلاثة والعشرين أو من أرشيفه الشخصي، يكتشف زائر المعرض العلاقة بين العاصمة والفنان المتحدّر من قشتالة لا مانشا (وسط إسبانيا). وبين المعروضات، نتائج دراسة توضح بالتفصيل نسبة المشاهد التي تدور في مدريد في كل أعمال ألمودوفار السينمائية، وتُراوح بين 6 في المئة عام 2011 إلى مئة في المئة في سبعة أفلام.
يتناول الحدث أيضاً الأماكن التي يعشقها الفنان وترِد باستمرار في أفلامه، كسيارات الأجرة ومتاجر المعدّات، والمقابر، والصيدليات. ويمكن للزوّار رؤية الخلفيات المستخدمة لإعادة إنتاج شرفة بيبا ذات المناظر البانورامية لمدريد بأكملها في «نساء على وشك الانهيار العصبي» عام 1988 لأنها لم تكن لتتحمل وزن معدات التصوير.

علماً أنّ بيدرو وضع الكثير من نفسه في ديكورات أفلامه، فـ «منازل ألمودوفار، لم نرَها في المجلات مثل بعض المخرجين، ولكن في أفلامه»، بحسب سانشيز الذي أشار إلى أن شريط «ألم ومجد» (2019) استنسخ شقته الحالية في مدريد، وتضمّن بعض كراسيه الخاصة. وعندما زار ألمودوفار المعرض قبل فتح أبوابه أمام الناس وبعيداً من الكاميرات، قال: «هذه هي حياتي».