من يعمل مع الليث حجو وفريقه، يعرف جيداً أن المخرج السوري يهتمّ بأدق التفاصيل التي تتعلق بالمشروع الدرامي الذي يتولاه. لا شيء عبثياً في ديكورات المسلسلات بالنسبة الى المخرج الشهير الذي وقّع أهم الأعمال. عندما أوكلته شركة «إيغل فيلمز» مهمة توقيع مسلسل «أولاد آدم» (كتابة رامي كوسا) الذي عرض في شهر رمضان الماضي، قرأ المخرج النصّ جيداً وبدأ رحلة البحث عن منزل أثري يؤوي سعد (قيس الشيخ نجيب). المسلسل يحكي قصة شاب يمتهن السرقة، يجتمع مع مايا (دانييلا رحمة) راقصة كابدت مآسي الحياة. يجمع القدر الثنائي تحت سقف واحد، فتبدأ حكاية عشقهما وصراعاتهما. فتش حجو عن منزل أثري قديم وسط أحياء بيروت الشعبية. وقع نظره على منزل في منطقة الكرنتينا، يصنّف ضمن المنازل الأثرية القديمة. البيت يحمل دفئاً لافتاً. القناطر تزينه من جميع الاتجاهات، وهو ذو سقف عال على غرار هندسات المنازل القديمة، إضافة الى أن شرفاته مطلّة على الحي الشعبي ككل. استمر تصوير المسلسل في المنزل قرابة شهرين، وتم إتخاذ البيت الاثري أيضاً المقابل له مباشرة، بمثابة استديو صغير ليأخذ الفنانون قسطاً من الراحة ووضع المكياج وتبديل الملابس. هكذا، عاش فريق العمل الدرامي اسابيع في المنزلين متقاسمين المشاهد فيه. بعد وقوع انفجار مرفأ بيروت، بدأ الاعلام يركز على المنازل القديمة التي تدّمرت وطمست معها هوية عاصمة أثرية، فكان لافتاً المنزل الذي صوّر فيه «أولاد آدم». تسابقت القنوات العربية واللبنانية ومن بينها «الجديد» للحديث مع صاحبة المنزل الاثري الذي عاش فيه النجوم فترة لابأس بها. المنزل ركام إختفت ملامحه. الأثاث تطاير، والقناطر سقطت من عليائها. الشرفة إفترقت عن أساس المنزل الذي حمل جراحات مدينة بأكملها. ظهرت صاحبة المنزل وهي تروي معاناتها مع الانفجار وإصابتها بجروح في وجهها وكامل جسدها. وتلك الجروح لا تختلف عن نزيف المنزل الذي أبكى الحجر التراثي. فكيف تحول منزلها من مكان أثري لتصوير المسلسلات إلى كومة حجارة لا حياة فيها؟