كالعادة، انتظر الصحافيون السوريون في فندق قرب مطار دمشق الدولي نحو ساعتين ليلة أمس الخميس لتطلّ عليهم النجمة اللبنانية نوال الزغبي بكامل أناقتها. يسبقها اعتذار لأنّها ليست المسؤولة عن التأخير، وكلّ ما نقل إليهم عن أنّها كانت نائمة أو تتناول الطعام عارٍ من الصحة. فهي كانت تنتظر «كما فعل البقية»، وفق ما قالت للصحافيين. المفارقة أن الترويج للمؤتمر سرى بنحو شخصي بعيداً عن الحدّ الأدنى من الاحترافية، وبصيغة ذاتية جرى تناقل دعوات بين مجموعة صحافيين غالبيتهم مبتدئون. إلى جانب دعوة لـ «فانز» الزغبي على السوشال ميديا، من دون حضور أيٍّ من التلفزيونات أو الوسائل الإعلامية المعروفة. ومن دون مجرّد الإشارة إلى وجود الملحن والمغني زياد برجي في المؤتمر، إلى درجة أنّ الجميع فوجئوا لدى دخوله إلى القاعة. الحقيقة أنّ المكان هو مطعم تسرح فيه الحشرات، أُخلي أمام عيون الصحافيين، ووضعت فيه بعض التجهيزات السيئة، ليبدأ المؤتمر المتأخر أصلاً. المكان على بعد نحو 30 كلم عن دمشق، وهو ما تطلب وجود باص ينقل الصحافيين من ساحة الأمويين، لكنّه تأخّر أيضاً. كلّ شيء كان يمشي بفوضوية مدهشة، إلى أن وصلت «النجمة الذهبية» وقدّمت اعتذارها وسيطرت بكاريزما النجم، فلمع في وجهها سؤالنا البديهي «ماذا تقولين عمّا يعانيه السوريون من عنصرية في بلادك؟». فكان الجواب مشرّفاً عندما قالت: «هذا شيء بشع لا يشبهنا، ولا يمكن عاقلاً أن يكون مع الحالة العنصرية التي تحدث». تجنّبت الزغبي لفظ اسم سوريا ولبنان، وهذا حقّها حتى لا تقع في فخاخ الجبهات المفتوحة ليلاً ونهاراً على صفحات التواصل الاجتماعي. ثم أردفت بجملة ذهبية: «لا حدا يسألني سياسة». طبعاً السؤال إنساني بالدرجة الأولى ولا علاقة له بالسياسة. على أيّ حال 15 دقيقة مرّت سريعاً ليدخل برجي فجأة، ويخبر أهل الصحافة بأنّه وصل وتناول وجبة «شاكرية»، وطلب أن ينام نصف ساعة، وفجأة قُرع عليه الباب وطُلب منه المشاركة في المؤتمر، فأتاه السؤال الأحجية: «ما رأيك بالشاكرية السورية؟». انتفض برجي غضباً، وقرّر عدم الإجابة عن أي سؤال، بل أعطى تعليمات واضحة بأنّه «سأحكي دون أسئلة». وبالفعل، أخبر في غضون دقائق معدودة أنّها المرّة الأولى التي سيطل فيها مع الزغبي، وسينجزان دويتو معاً، ثم غادر وتبعته مواطنته. الجديد في حياة برجي أنه استقدم مدير أعمال وحارساً أمنياً في الوقت نفسه يتعاطى مع الصحافيين كأنهم «إرهابيون»، قد يؤذون المغني المرهف. هكذا، حمى مدير الأعمال «معلّمه» ومنع الجميع من الوصول إليه، حتى على الهاتف حُرمنا أنسه وصوته. برجي والزغبي أقاما حفلة في الفندق نفسه ربما. علماً بأنّ المكان لم يجرِ تأهيله بعد الحرب، وما حدث يوم أمس فعلياً، نقل صورة رديئة عن الشام بعد تسلّمها سكّة التعافي أمام نجمين لبنانيين. فعلياً، لم ينقطع برجي عن الشام طوال سنوات الحرب، لكن الزغبي تزور دمشق للمرّة الأولى منذ 10 سنوات. طبعاً، سيبطل العجب عندما نعرف السبب وراء كلّ ذلك الترنّح المعيب في التنظيم. فالراعي الإعلامي للحدث، قناة «بابلي تولز» السورية المتخصصة في الأغنيات، والمكتوب شرح نفسه!