سياسة غير واضحة
«لا أعرف ما هو هدف سياستنا الخارجية في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر». بهذه العبارة، يفتتح «ديفينس ون» مقابلته مع هيغل. ينتقد الأخير سعي الولايات المتحدة إلى «طرد الإيرانيين وتهديد السوريين والروس والإيرانيين في سوريا»، ويعتبر أنّ «من الحماقة التامة» الاعتقاد بأنّ الولايات المتحدة قادرة على تهديد حلفاء سوريا، معلّلاً ذلك بأن «الولايات المتحدة لا تسيطر على نصف سوريا حتى. لقد حصلت (واشنطن) على 2000 جندي أميركي في الزاوية الشمالية الشرقية... أعني، هيا، لن تدفع الإيرانيين خارج سوريا مع ألفي جندي أميركي». يقول هيغل إن «الإيرانيين يعيشون هناك»، ويتابع: «الولايات المتحدة لا تعيش في الشرق الأوسط... ما لم تتمكّن من القضاء على الواقع الجيوسياسي بطريقة ما، سيكون عليك العثور على بعض الحلول المستندة إلى المصالح المشتركة لتلك الدول». ويؤكّد هيغل على ضرورة إيجاد مشتركات مع القوى الفاعلة في المنطقة للعمل عليها، إذ يقول: «كيف يمكنك تحقيق بعض الاستقرار في سوريا؟... أنت لن تفعل ذلك من دون الروس، من دون الإيرانيين، ومن دون اللاعبين الآخرين في البلاد، وفي المنطقة». ولدى سؤاله عن السياسة الخارجية لواشنطن، أجاب هيغل: «لا يبدو أن هناك واحدة».
يتساءل وزير الدفاع الأسبق عمّا إذا كان حقيقة هدف إدارة ترامب هو «تقييد النفوذ الإيراني»، ويقول إنه إذا كان كذلك، فـ«كيف تعتقد أنك ستحصل على مزيد من النفوذ ضد إيران من خلال سحب بطاريات باتريوت من البلدان، وعدم الالتفات إلى بعض هذه المناطق، ولكن (بدلاً من ذلك)، هناك خطابات التنمّر (على طريقة) سنقوم بمعاقبتك؟». ثم يعلق هيغل: «هذه وجهة نظري بخصوص الارتباك (الحاصل). أين نحن؟ ما هي سياستنا؟».
تشاك هيغل شغل منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس أوباما لمدة سنة ونصف تقريبا قبل أن يستقيل (عن الويب)
ترى الصحافية التي أجرت المقابلة، كيتي ويليامز، أن الجيش الأميركي، منذ فترة طويلة يعتمد على أنّ «تفويض الكونغرس بمحاربة القاعدة والتابعين له، يمنحه الإذن بمحاربة داعش في سوريا». لكن الكاتبة تقول إن «الكونغرس لم يصدر أي تفويض قانوني للقوات العسكرية الأميركية للاشتباك مباشرة مع الجماعات المدعومة إيرانياً، أو مع جماعات إيرانية». توضح هنا أن بعض خبراء قانون الأمن القومي، يقترحون أن أحد التفسيرات الجديدة لسلطة البنتاغون القانونية، لتنفيذ الضربات في سياق «الدفاع الجماعي عن النفس» (Collective Self Defense)، يمكن نظرياً أن يُستخدم «لتبرير ضربة ضد القوات المدعومة من إيران أو الإيرانية نفسها». وفي السياق نفسه، قال الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية، يوم أمس، إن «وجود الجيش (الأميركي) في سوريا له «تأثير» على الأنشطة الإيرانية، لكن القيادة المركزية الأميركية لم تحصل على مهمة جديدة»، وأضاف: «لا أعتقد أننا نسعى إلى شنّ حرب مع إيران». تستعيد هنا الكاتبة تعليق هيغل الذي يقول: «الجيش لا يمكنه إصلاح المشاكل بمفرده... يجب استخدام الجيش كقوة للمساعدة في تنفيذ وحماية أهداف السياسة الخارجية الاستراتيجية».
وزير الدفاع الأسبق تشاك هيغل في زيارة للقوات الأميركية في العراق (أرشيف - ويب)
تمعن إدارة ترامب في كسر كل ما تمكّنت إدارة سلفه أوباما من «تحقيقه» في ما يخص ملفات الشرق الأوسط، وخصوصاً إيران. في شهر أيار/مايو، انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تبنّى «تخفيف العقوبات»، مقابل «فرض قيود على برنامج تطوير الأسلحة النووية الإيراني»، الذي تنكر طهران وجوده أصلاً. ومنذ يومين، أي الأربعاء، اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إيران بتوجيه تهديدات ضد الموظّفين الأميركيين في العراق (قنصلية البصرة)، وانسحب من «معاهدة الصداقة» مع إيران، والتي جرى توقيعها في عهد الرئيس الأميركي أيزنهاور مع طهران في خمسينيات القرن الماضي، والتي استخدمها كلا البلدين كأساس لحلّ المطالبات في «محكمة العدل الدولية». كما كانت طهران قد شنت، منذ يومين، هجوماً صاروخياً باليستياً، على مواقع لتنظيم «داعش» في هجين قرب دير الزور، حيث توجد القوات الأميركية على مسافة قريبة، ما عدّه المسؤولون الأميركيون، «تصعيداً خطيراً».