عندما يتعلق الأمر بكرة القدم، لا يمكن أن يكون هناك أفضل من الأرجنتيني ليونيل ميسي. أهدافٌ وتمريرات حاسمة، وأداء ممتع. لم يُخطئ موقع «الليغا» حين وصفه بأنه «لاعبٌ من كوكب آخر». وعلى رغم أن هذه السنة لم تكن الأفضل من ناحية الجوائز الفرديّة لأسطورة برشلونة، إلّا أن النجم الأرجنتيني تمكّن في 2018 من تحطيم أرقام قياسيّة تضاف لسجلّه الحافل بالإنجازاتبتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر عام 2000، ظهرت موهبة أرجنتينيّة استثنائية في أكاديميّة برشلونة للشباب، تدعى ليونيل ميسي. كان عمره وقتها 13 عاماً قادماً من نادي نيولز أولد بويز الأرجنتيني. لم يكن يتوقع أحد منذ تلك اللحظة أن هذا اللاعب الصغير سيقلب موازين كرة القدم رأساً على عقب، بعد أن أصبح الهدّاف التاريخي للفريق الكتالوني. حتّى ميسي نفسه، لم يكن يتوقع ذلك. في حفل تسليمه الحذاء الذهبي الخامس قال، «في الحقيقة لم تراودني فكرة أن يحصل معي هذا الأمر عندما بدأت اللعب. حلمت بلعب كرة القدم على صعيد احترافي وتحقيق النجاحات، أنا أحب اللعبة، لكني لم أتخيل يوماً بأني سأحقق هذا الكمّ من الجوائز». وبعد 18 عاماً، تمكن الـ«برغوث» مجدداً هذا العام من أن يكون هدّاف القارة العجوز.

مهاجمٌ نادر وأرقام مميّزة
سجّل ميسي 50 هدفاً في عام واحد. وللمرة الثامنة في آخر 9 أعوام، تجاوز رصيد «البرغوث» الـ50 هدفاً في جميع البطولات، هذا الرقم المميّز لم يسبقه له أي لاعب. كما أصبح هذا العام أول لاعب يسجل 10 أهداف أو أكثر، في 13 موسماً متتالياً في «الليغا» الإسبانية. كما لا يوجد لاعب في الليغا ولا في العالم، يقترب من ميسي وأرقامه هذا الموسم. في الدوري، شارك في 14 مباراة، (واحدة كبديل) وسجل 14 هدفاً، بينما ساهم بـ 10 تمريرات حاسمة. في أوروبا، أحرز ستة أهداف وتمريرة في أربع مباريات، وهناك أيضاً دخل مباراة واحدة كلاعب بديل.

إضافة إلى ذلك، كسر ميسي في 2018 الرقم القياسي بعدد الانتصارات في الدوري الإسباني بالنسبة للاعبي برشلونة، بعد أن وصل إلى 323 فوزاً في وقت سابق من كانون الأول/ ديسمبر، مع تجاوزه لرقم زميله السابق الإسباني تشافي هيرنانديز. الأمور لم تنته هنا، فسجّل ميسي الهدف رقم 106 مع برشلونة أمام آيندهوفن الهولندي بدوري أبطال أوروبا، ليصبح بذلك «ملك دوري الأبطال»، كونه أكثر من سجل لفريق واحد في تاريخ البطولة.


أسطورةُ الهاتريك
كسر ميسي في 2018 الرقم القياسي بعدد الانتصارات في الدوري الإسباني(أ ف ب )

هاتريك ميسي في شباك ليفانتي وضعه على عرش العالم أيضاً. وفي حال كانت الجماهير لا تعلم أو نسيت الأمر، فإن التذكير ضروري بأن ميسي سجل أول هاتريك له في مسيرته الاحترافية وهو في الـ 19 من عمره فقط. وكانت أمام الغريم الدائم للبارسا ريال مدريد على ملعب الكامب نو. وبحسب شبكة «Bleacher Report» العالمية، فإن الهاتريك الذي سجله ليونيل ميسي ضد ليفانتي. هو الـ 49 في تاريخ النجم الأرجنتيني مع برشلونة والتانغو.

صحيح أن برشلونة تغلب على ليفانتي بخماسية نظيفة. لكن تلك المباراة صاحبها القليل من التوتر في بدايتها. أو على الأقل لحدّ دوس «ليو» أرضية الملعب. وقيادته للفريق في وجه «لعنة باكو لوبيز» الأخيرة في الموسم الماضي. الأرجنتيني ظهر في جميع الأهداف الخمسة لبرشلونة. مسجّلاً وممرراً، وأصبح الأوّل في السباق للفوز بجائزة «Pichichi»، (أفضل هدّاف في الدوري الإسباني).
أوروبياً وبتسجيله ثلاثية في مرمى آيندهوفن هذا الموسم، أصبح صاحب أكبر عدد من الثلاثيات في تاريخ دوري أبطال أوروبا. فقد وصل ميسي للهاتريك الثامن أوروبياً.

فرادةُ ميسي العام وكل عام

يعتبر ميسي أكثر من سجّل لفريق واحد في دوري أبطال أوروبا «شامبيونز ليغ»(أ ف ب )

لأن هذه الإحصائيات أصبحت طبيعية إلى حد ما، لا يعني أنها يجب أن تمر من دون أن الالتفات إلى أنها أرقام لا يمكن تكرارها ببساطة من قبل أي لاعب آخر.
بعيداً من الإحصائيات، ماذا عن كيفية تغيّر اللعبة عندما يكون ميسي في الملعب؟ تنقلب طريقة اللعب بالكامل عندما يتواجد القائد ليو في الميدان. كمقارنة بسيطة، وبالتحول إلى الدوري الأميركي للمحترفين. عندما يلعب ستيفن كوري مع فريقه غولدن ستايت ووريورز، يبدأ القلق من قدرته على اللعب كمغناطيس للاعبي الدفاع. والخوف دائماً من تسجيله. هذا يعني أن المساحات تفتح أمام زملائه الآخرين في الفريق. يحدث شيء مشابه مع ميسي، ويكاد يكون فريداً بالنسبة للأرجنتيني في عالم كرة القدم. عندما يكون ميسي في الملعب، دفاع الفريق الآخر، يركز عليه من دون الآخرين، مما يزيد الضغط على النادي الآخر ويترك المساحات لزملاء الأرجنتيني. ببساطة ميسي لا يحتاج إلى الكرة للتأثير في اللعبة، فهو على الأقل قادر على خلق القلق للفرق المنافسة، وذلك بحسب ما يتحدث العديد من المراقبين الكرويين.
الانتقادات الأساسيّة لميسي هذا العام ستكون حتماً على أدائه في كأس العالم مع منتخب الأرجنتين، لكن كرة القدم هي رياضة جماعيّة ولا يمكن أن يكون هناك شكٌّ في أن منتخب الأرجنتين الذي ذهب إلى كأس العالم كان ضعيفاً للغاية. الحجة القائلة بأن ميسي قادر على فعل ما يفعله فقط لأن فريق برشلونة مبني حوله ليست صحيحة بحسب العديد من المراقبين. فمثلاً هل قدّم محمد صلاح موسماً ممتازاً لأن أسلوب ليفربول المجهد كان مثالياً له؟ وهل تميز عام لوكا مودريتش لأنه كان محظوظاً بما فيه الكفاية ليحاط بمواهب عالمية في مدريد، أم لأن كرواتيا كانت تملك طريقاً سهلاً إلى نهائي كأس العالم؟ كلام وتحليلات يكون هدفها أحياناً التقليل من اللاعبين وعطاءاتهم، فيما تكون من باب الانحياز للاعب آخر على حساب لاعب معيّن.


من خلال هذه الإحصائيات التي ذكرت عن ليونيل ميسي، يظهر جليّاً مرّة جديدة، أن الأرجنتيني هو أفضل لاعب في العالم، وقد قام بمضاعفة أفضليته في عام يراه البعض مخيّباً للآمال.