لا أثر للعرس الانتخابي في قضاء بعبدا. يبدو أن المدعوّين قد اكتفوا بحضور المراسم الدينية في الكنائس صباح أمس الأحد، وتخلفوا عن حضور الحفل الذي يليها. لم تشهد قرى القضاء زحمات سير، ولا صفوف انتظار أمام مراكز الاقتراع، ولا حتى زفّات ضخمة للمرشحين وللنواب ولرئيس الجمهورية، الذين أدلوا بأصواتهم في مراكز الاقتراع في القضاء.الهدوء المستشري في منطقتي عين الرمانة والشياح يذكّر بالهدوء الذي كان يخيّم سابقاً على «خطوط التماس» بين جولات الرصاص والقذائف. لكن لن تمر بوسطة عين الرمانة هذه المرة، فأعداء الأمس هم حلفاء اليوم.
وعلى عكس الفراق الذي حصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله في خمس دوائر انتخابية، جاءت لائحة «الوفاق الوطني» في بعبدا لتعيد جمع شملهما ــــ بالإضافة إلى حركة أمل ــــ مترجمةً بذلك وثيقة التفاهم بينهما التي بلغت عامها الثاني عشر. ظهر هذا التفاهم جلياً عند مؤيدي الطرفين. فمناصرو حزب الله توجهوا إلى مراكز الاقتراع في الحدت بسياراتهم وأناشيدهم وراياتهم الصفراء، ودخلوها بسلام آمنين. كذلك الأمر لمؤيدي التيار الوطني الحر الذين جالوا بسياراتهم المزينة بالرايات البرتقالية، بالإضافة إلى صور السيد حسن نصرالله، في شوارع الضاحية الجنوبية حيث لقوا ترحيباً من الموجودين هناك.
احد «الحركيين» خرج من مركز الاقتراع وهو يترحم على حق «التشطيب»


لم تُقطع الطريق أمام بوسطة عين الرمانة فقط، بل قُطعت أيضاً أمام ما كان يُعرف بـ«البوسطة الانتخابية»، وذلك بفضل القانون الانتخابي الجديد القائم على النسبية، الذي لن يبقي التمثيل النيابي في قضاء بعبدا حكراً على التيار الوطني الحر وحليفيه. فمن المرجّح أن تنتزع القوات اللبنانية مقعداً مارونياً من التيار الوطني الحرّ وتدخل بذلك قضاء بعبدا للمرة الأولى نيابياً. إلا أن ذلك لم يخلق حزازات بين مندوبي القوات والتيار. على العكس من ذلك، جمعت بين الطرفين أجواء مودّة وألفة، وتبادلوا الصور ودخنوا «الأرجيلة» معاً، رغم أنهما لم يتحالفا في أي دائرة.
بالرغم من معركة كسر العظم في قضاء بعبدا، جرت الانتخابات بسلاسة وهدوء، ولم يسجل أي إشكال بين جميع الأطراف المتنافسة. بيد أنه سُجّلت بعض الاعتراضات من قبل مناصري حركة أمل على التحالف مع التيار الوطني الحر في هذه الدائرة، بعد الإشكالات التي وقعت بين الطرفين في الآونة الأخيرة. أحد «الحركيين» خرج من مركز الاقتراع وهو يترحم على حق «التشطيب» في القانون الانتخابي القديم. لكن الاجواء العامة بقيت شديدة الهدوء. جمعت بعبدا حركة أمل والتيار الوطني الحر إلى جانب حزب الله، فبدت كمنقذ لوثيقة التفاهم بين الحزب والتيار. وفي الوقت عينه، بدا أنها حافظت على تفاهم «أوعَ خيّك» الذي اهتز في كافة الدوائر الأخرى. لم تحافظ عليه في لوائح مشتركة، بل بغياب التوتر بين العونيين والقواتيين.