وفي الحرب، استخدمت المملكة، عبر المستوى الديني فيها خصوصاً، الأماكن المقدسة لتضليل الرأي العام العربي والإسلامي بشعار «الدفاع عن مكة» في مواجهة «أنصار الله». وتم تحت هذا الشعار، استقطاب المقاتلين من أماكن مختلفة، ومنهم مقاتلو قوات «الدعم السريع» السودانية، والزج بهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وهذا ما برّره الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير، وقتها بالقول: «أنتم في مشاركة مع الجيوش العربية للدفاع عن مكة والمدينة». وفي عام 2019، وفي إطار التحشيد ضد إيران، نظّمت وزارتا الدفاع والخارجية في السعودية معرضاً في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، ضم عدداً من الصواريخ والطائرات والقوارب المسيَّرة وغيرها من المعدّات التي استهدفت بها قوات صنعاء نقاطاً عسكرية وحيوية في السعودية. واستهدف العرض بالدرجة الأولى، الحجاج، كما عُرضت على الرؤساء وممثلي الدول المشاركة في قمم عقدت في المملكة في ذلك الوقت، بقايا الأسلحة والصواريخ التي من المفترض أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضتها.
سبق للمملكة أن استخدمت الأماكن المقدسة لتضليل الرأي العام بشعار «الدفاع عن مكة» ضد صنعاء
وتضبط العلاقات بين السعودية واليمن، الهدنة الممدّدة بشكل غير رسمي منذ أكثر من سنتين، فيما يعمل الطرفان على بناء الثقة وحل القضايا المشتركة والمستحدثة، ويُعتبر السماح لبعثة رسمية يمنية بالحج، إحدى أدوات تعزيز تلك الثقة. كما تعمل المملكة على الاستجابة لمتطلبات السلام مع اليمن، وخلق فرص لتجنب استمرار الصراع ومنع استهداف أراضيها مرة أخرى بأعمال عسكرية من جانب صنعاء، إلى حين توافر إمكانية إنهاء الحرب كلياً، بعد التخلّص من الضغوط الأميركية المستمرة على الرياض لتبني خيارات منسجمة مع أجندة واشنطن في دفاعها عن إسرائيل، والتصدّي لانخراط اليمن في المعركة كجبهة مساندة لقطاع غزة. على أن صنعاء تنظر إلى مرحلة ما بعد انتهاء حرب غزة بشكل مغاير، إذ لن تكون القشور السياسية التي لا تفي بالغرض مقبولة بالنسبة إليها، ولا سيما أن قبولها بالوضع الحالي ينسجم فقط مع متطلّبات تعزيز الثقة، تمهيداً للانتقال إلى مرحلة لاحقة. وفي حال لم تستطع السعودية أن تقرر في الملفات الرئيسية، ومنها إنهاء الحصار ودفع المرتبات عبر تصدير المواد النفطية مباشرة وإعادتها إلى البنك المركزي، فإن موقف اليمن سيكون مختلفاً تماماً، من حيث تحميل المملكة مسؤولية قيادة العدوان على البلد طوال أكثر من تسع سنوات.