بغداد | كشفت مصادر مقرّبة من فصائل المقاومة العراقية أنّ الأخيرة بدأت تعيد النظر في اتفاقها مع الحكومة حول وقف عملياتها العسكرية ضدّ القواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق، بسبب مماطلة الأخيرة في السعي لتحقيق مطلب الأولى، والمتمثّل في خروج القوات الأجنبية من البلاد. وأكّدت المصادر، لـ"الأخبار"، أنّ عمليات المقاومة ضد المصالح الإسرائيلية مستمرة إلى حين انتهاء الحرب على قطاع غزة، مرجّحة توسّع نطاق هجماتها إلى أهداف قد تكون أكثر أهمية ودقّة، لناحية استنزاف إمكانات العدو القتالية واللوجستية. ومع الإعلان عن بدء المباحثات بين بغداد وواشنطن لجدولة انسحاب قوات "التحالف الدولي" قبل أشهر، التزمت "المقاومة الإسلامية في العراق" باتفاق أبرمته مع الحكومة، يتمثّل في تعليق هجماتها ضدّ المصالح الأميركية إلى حين انتهاء تلك المحادثات. إلا أن المقاومة لمست، مرة بعد أخرى، عدم جدية القوات الأميركية والحكومة معاً في الانسحاب. وتدرك الفصائل أنّ مهمة إخراج هذه القوات باتت صعبة على الحكومة، نتيجة تمسّك واشنطن بالبقاء، وهو ما دفع بها إلى إرساء معادلة جديدة تقوم على فتح جبهات إضافية على المستوى الإقليمي، ومنها ضرب أهداف حيوية تابعة لإسرائيل، كي تحافظ على زخمها ضمن أطراف محور المقاومة المنتشرة في أرجاء المنطقة.واستهدفت "المقاومة الإسلامية"، هذا الأسبوع، بالطيران المُسيّر وصواريخ الكروز المطوّرة، مواقع إسرائيلية حيوية آخرها في إيلات وميناء حيفا والجولان. ويقول قيادي في "كتائب حزب الله" إنّ التنظيم "بدأ يعيد النظر في اتفاقه مع الحكومة، والخاص بتعليق هجماته ضد الأميركيين، ونحن لم نكن مقتنعين منذ البداية بأنّ الأمور ستحل بالمفاوضات"، مشيراً، في حديث إلى "الأخبار"، أن التنظيم "استعاض عن وقف الهجمات ضد الأميركيين بزيادة العمليات ضد إسرائيل، علماً أنه هو الوحيد الذي يضرب بصواريخ كروز وطائرات مُسيّرة متطورة لصيد الهدف بشكل دقيق". ويضيف القيادي أنّه بعد زيارة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، للولايات المتحدة، اجتمعت كل الفصائل بما فيها "كتائب حزب الله" لمعرفة مجريات الزيارة، وبالتالي اتفقت على أن لا شيء كان مهماً بشأن الانسحاب، وفي ما بعد أبلغت مستشاري السوداني وقادة "الإطار التنسيقي" بذلك. ويرجّح عودة العمليات العسكرية ضد المحتل، قائلاً إن "هناك خططاً جديدة ستقوم المقاومة بتطبيقها"، لافتاً إلى أنّه "قبل أيام، كانت هناك معلومات بوجود نية لدى إسرائيل لاستهداف مواقع عراقية. ولذا وجّهت المقاومة بأخذ الحيطة والحذر، وخاصة في المواقع القريبة من سوريا والأردن وإقليم كردستان".
بدوره، يؤكد القيادي في "حركة أنصار الله الأوفياء"، عادل الموسوي، أنّ "المقاومة العراقية في حالة استعداد لأي خطر ضد الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، ولا سيما أنّ المباحثات مع الإدارة الأميركية اتضح أنها فاشلة ولا فائدة منها، وإن مضت كما تريد الحكومة، فهي صورية لا أكثر. فخروج المحتل سيأتي بالقوة فقط". وفي ما يتعلق بمهلة المقاومة للحكومة، يقول الموسوي، لـ"الأخبار"، إنّها "انتهت في شباط الماضي، لكن ما زالت الفصائل ملتزمة حتى لا يقال إنها كسرت الاتفاق، ولكنّ للصبر حدوداً"، مطالباً الحكومة بإنهاء الوجود الأميركي، لا إجراء اتفاقيات معه.
أما الخبير الأمني، جودت كاظم، فيرى أنّ "هدوء المقاومة العراقية على الصعيد الداخلي قد يمهّد لمرحلة جديدة من فصول مواجهتها مع الأميركيين، خاصة أنها في حالة مراجعة مستمرة لعملها الجهادي وتنظيم نفسها مع تحديات المرحلة"، مشيراً إلى أنّ "المقاومة أعطت للسوداني فرصة ذهبية لمعالجة الوجود الأجنبي، غير أن القائد العام للقوات المسلحة لا يستطيع إخراج الأميركيين. ومع ذلك هو يحاول جاهداً إرضاء الفصائل". ويتابع أن السوداني محسوب على "الإطار التنسيقي" الذي يمتلك أجنحة مسلحة، "ولذا، فالمقاومة كذلك في موقف لا تُحسد عليه، وهي ما بين إحراجه كما فعلت مع أسلافه أو المطالبة باستبداله"، متوقّعاً أن "تعود التظاهرات للضغط على البرلمان والحكومة مرة أخرى لاتخاذ موقف أقوى لإنهاء مهام التحالف الدولي".