وكما جرت العادة في لقاءات الطرفين في السنوات الأخيرة، والتي تنشغل بالجوانب الأمنية والاقتصادية في ظلّ تغييب للملف السياسي، ركز اللقاء المذكور، وفقاً لمصادر عبرية، على «الاحتياجات الأمنية» بالنسبة إلى إسرائيل، ومدى تأثرها بتدهور الوضع الاقتصادي في الضفة. وذكرت «القناة 12»، في هذا الإطار، أن الشيخ طلب من الوفد الأمني الإسرائيلي، العمل على «السماح بإدخال العمال الفلسطينيين من الضفة إلى إسرائيل (داخل الخط الأخضر) للتخفيف من حدة الصعوبات الاقتصادية»، فيما أخبره الوفد بأن إسرائيل تدرس إمكانية ذلك، بينما تعدّ مخططاً تجريبياً سيتم بموجبه السماح بدخول «عمال فلسطينيين تبلغ أعمارهم 45 عاماً فما فوق بعد إخضاعهم لتحقيقات أمنية، ومن الحاصلين في السابق على تصاريح»، علماً أن هذا الطلب هو موضع نقاش بين المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية، نظراً إلى احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي، وتذمّر أصحاب الأعمال، وانهيار قطاعات كبيرة في الكيان.
لم يصدر عن الشيخ أي نفي رسمي للقاء تل أبيب
وتعوّل إسرائيل والولايات المتحدة على جهود السلطة الفلسطينية لمنع أي تصعيد أمني في الضفة، وكبح أعمال المقاومة هناك. وانطلاقاً من ذلك، قدمت المؤسسة الأمنية توصيات للحكومة الإسرائيلية للتخفيف من حدة العوامل التي تسبب الغليان في الضفة، لم يؤخذ بها حتى الآن، فيما انصبّت اتصالات بلينكن مع المسؤولين الفلسطينيين، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، على تطبيق «التفاهمات» التي جرى التوصل إليها في قمّتَي «العقبة» و«شرم الشيخ»، اللتين عقدتا قبل «طوفان الأقصى». إلا أن ذلك لا يترافق مع أي تراجع إسرائيلي في الأراضي المحتلة، حيث تشنّ قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر حرباً يومية، قتلاً واعتقالاً واقتحاماً وتدميراً، لا بل إنها أعادت الضفة إلى حكمها العسكري المباشر، في وضع شبيه بما كانت عليه في «الانتفاضة الثانية»، عبر عزل مدنها وقراها بعضها عن بعضها بالحواجز العسكرية.
وفي المقابل، يمكن القول إن السلطة الفلسطينية نجحت، منذ 7 أكتوبر، في السيطرة على الأوضاع في الضفة ومنع انفجارها بشكل عام، وإن خرقتها أعمال مقاومة في بعض المناطق، من مثل مخيمَي جنين ونور شمس. وعلى خطّ مواز، اتّخذت السلطة موقف المتفرّج على العدوان على غزة لأسابيع، في انتظار معرفة ما ستؤول إليه الأمور، ممنّيةً نفسها بلعب دور في القطاع بعد انتهاء الحرب، ومتجاهلة الموقف الإسرائيلي الرافض لها ولدورها. وفي الوقت نفسه، عمدت، عبر بعض مسؤوليها، إلى مهاجمة «حماس» وتحميلها مسؤولية الحرب، بل إن الشيخ نفسه لوّح بمحاسبة المقاومة، في تصريحات قوبِلت بانتقادات واستياء شعبي، ما دفع بعض هؤلاء إلى التراجع عنها وتوضيحها، بينما التزم آخرون الصمت. وبخصوص اللقاء الأخير في تل أبيب، لم يصدر عن الشيخ أي نفي رسمي له، سواء عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإعلام الرسمي، فيما نشرت وكالة فلسطينية محلية نقلاً عنه نفيه للاجتماع.