غزة | بعد 71 عاماً على النكبة الفلسطينية، لم يبقَ عملياً للفلسطينيين أي مكان سوى قطاع غزة يحملون فيه سلاح المقاومة بصورة عملية، بعدما عادت حالة المقاومة في الضفة المحتلة إلى ما كانت عليه في بداية انتفاضة الأقصى، جراء الحملات الأمنية المكثفة بيد العدو الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، فضلاً عن منع دول الطوق، الفلسطينيين، من الانطلاق في عمليات ضد إسرائيل من أراضيها. فمنذ عقد كامل، تواصل غزة تربّعها على رأس المقاومة المسلحة، لكنها في السنة الأخيرة شاركت في التفاعل الميداني في إحياء ذكرى النكبة، لتعود إليها حالة الاشتباك الدائم مع العدو، التي فقدتها شوارع القطاع منذ عام 2005، عام الانسحاب الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات. وجسّدت غزة «ملحمة» كبيرة في إحياء «النكبة» العام الماضي، عندما استشهد 63 فلسطينياً خلال أربع ساعات من ذلك اليوم.وعلى رغم ارتكاب العدو، العام الماضي، مجزرة كبيرة، يستعد الغزيون اليوم، ضمن فعاليات المسيرة، للتظاهر على طول حدود القطاع. ولعلّ غزة تتمتع بخصوصية كبيرة جعلتها تفرض نفسها في مواجهة العدو وإحياء ذكرى النكبة؛ لكون حالة الاشتباك مختلفة فيها، إذ سرعان ما تتحول المواجهات الشعبية والفعاليات إلى عسكرية، تنتقل على إثرها المواجهة لتصير ورقة ضغط حقيقية بات يراها الاحتلال تهديداً لجبهته الداخلية، بفعل ما تملكه المقاومة من قدرات عسكرية جديدة، ظهر جزء منها في الجولة الأخيرة مطلع الشهر الجاري.
هكذا، صار القطاع الجبهة الأبرز التي يستعد لها جيش العدو بصورة مكثفة على طول المنطقة الحدودية، خشية اقتحامها بأعداد ضخمة من الفلسطينيين، مع أن تفاهمات تهدئة خلال العام الجاري تنصّ على عدم اقتراب المتظاهرين من الحدود لمسافة تقلّ عن 300 متر. مع ذلك، دفعت الخشية الإسرائيلية هذا العام، الجيش، إلى تكثيف استعداداته، ولا سيما مع ذكرى النكبة، والذكرى السنوية الأولى لنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالمدينة «عاصمة لإسرائيل». وتبرّر المستويات الأمنية في تل أبيب هذه الاستعدادات بأنّ «إسرائيل لا تعرف بعد ما إن كان من المتوقع أن ينظّم الفلسطينيون مظاهرات عنيفة أكثر من المعتاد قرب السياج الأمني أو سيقومون بأنشطة أخرى... القيادة الجنوبية في الجيش لا تنوي المخاطرة»، كما نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية.
على الصعيد الداخلي، أعلنت الفصائل في القطاع الإضراب العام اليوم (الأربعاء)، فيما دعت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار»، في أكثر من بيان خلال الأسبوع الجاري، إلى «النفير العام من أجل أوسع مشاركة في المسيرات في مخيمات مسيرات العودة الخمس». إلى الآن، الخوف سيّد الموقف على حدود غزة من عودة الفلسطينيين إلى أرضهم، سواء بفعل شعبي كما يحدث ولا يزال في «مسيرات العودة» منذ عام، أو لاحقاً عبر عمليات قد تنفذها المقاومة من الأنفاق الهجومية التي بنتها خلال السنوات الماضية، وهذا الخوف ترجمته إسرائيل بإقامة أكبر جدار تحت الأرض وفوقها بتكلفة فاقت ملياراً و300 مليون دولار.