هذا التعالق الصادق مصاديقه، ثبات في قيم الشيخ، وصبر في أداء المهمّات، واستجابة لمطالب المواطنين، فأحبّته الجماهير وتسيّد قلوبها فكان الأمين على أحلامهم في الدولة والمجتمع.
امتلك علاقات واسعة مع النخب السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية في البحرين وفي المنطقة العربية، ولم تكن «عمامته» مانعاً من أن يكسب ودّ الإعلام العربي والمصري، بالذات إبّان ثورات الربيع العربي، ناهيك عن القنوات المشهورة عالمياً، فقد أطلّ على الجماهير العربية في شاشات متعددة بزي «الأفندية» في حوارات سياسية ستبقى شاهدة على قدرته في فهم مسببات المحن والأزمات السياسية.
استخدم شيخ الوفاق خطاباً سياسياً ذكياً مع النظام في الحوارات التي كان طرفاً رئيسياً فيها عام 2011. فهو مفاوض عنيد لا يكلّ، لكنه في الوقت ذاته يبقي الأبواب مفتوحة في السياسة، وكثيراً ما شكّل حرجاً لأفراد الحكم الذين يتحكّمون في مجريات الأمور ومقدّرات البلاد.
قرّر النظام التخلّص من الشيخ سلمان عبر «التمثيلية السمجة» بتهمة التخابر مع الدوحة بهدف إعاقته عن أداء دوره السياسي الناهض في مواجهة الاستبداد.
بقاء الشيخ في الاعتقال مع رفاقه من قادة المعارضة يعني استمرار الأزمة
ولكن، ثمّة من يسأل: كيف لهذا الشيخ أن يمتلك كل هذه الملكات وهذا الوقار في عالم السياسة؟ وهنا يمكن القول إن أمين الوفاق تشكّلت قيادته من الحراك المصاحب للعريضة الشعبية النخبوية، ومن قربه وملازمته لقادة المعارضة وفي مقدّمتهم الشيخان عبد الأمير الجمري وعيسى قاسم. كما اطلع على تجربة السود النضالية في جنوب أفريقيا، فشكّلت جانباً مهمّاً في تجربته السياسية، إضافة إلى خبرات المنافي واتصاله بالمعارضات العربية الأخرى.
أقام أمين الوفاق تحالفات سياسية مع الجمعيات الوطنية المعارضة، على اختلافها يسارية كانت أو إسلامية، متجاوزاً الهواجس الطائفية، يقصده سفراء الدول بتنوّعهم في مجلس «الوفاق» الرمضاني، وكان مؤثراً في خلق القناعات بحاجة البحرين للتعددية السياسية. استطاع الشيخ علي بدربته أن يوازن بين التحدّيات في تحوّل «الوفاق» من حركة معارضة في الشارع إلى كتلة انتخابية معارضة في البرلمان، وهو أمر لا يخلو من الأخطار قياساً بالصلاحيات المتواضعة للبرلمان في البحرين. يُكمل الشيخ علي سلمان في 28 من شهر كانون الأوّل من هذا العام سبع سنوات من اعتقاله في سجون النظام، وهي مدّة ليست قصيرة في عمر مجتمعٍ صغير كالبحرين. وبقاء الشيخ في الاعتقال مع رفاقه من قادة المعارضة يعني استمرار الأزمة السياسية في البلاد.
سوف يبقى النظام يحتاج إلى الشيخ سلمان وإمكاناته السياسية إذا حانت فرصة التحوّلات المتوقّعة، سواء في داخل البحرين أو المنطقة، والنظام وقتها يعرف طريق الشيخ ومفتاح زنزانته.
إن أنشودة النصر التي كتبها الشيخ علي مع رفاقه سوف تُعزف في يوم من الأيام في ربوع الوطن بامتداده، وإن تأخّر توقيت العزف، فانتصار الشعوب سنة كونية.
* عضو جمعية «الوفاق» البحرينية