أمام الهدية الروسية للكيان الصهيوني نأسف في الحزب الشيوعي اللبناني على هذه الخطوة التي لم تأخذ في الاعتبار أن الجندي سقطعلى أرضٍ لبنانية
أمام تلك التعقيدات الشائكة والتناقضات التي ترسم لوحة من العلاقات، تستند إلى مصالح آنية ومتوسطة المدى بين مختلف عناصر الصراع المحتدم على الصعيد العالمي والإقليمي، والتي أتت في سياق كسر الهيمنة الأحادية القطبية، التي حكمت العلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي حتى اليوم، تتصدر روسيا الاتحادية، بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية وحلفائهما، جبهة الصراع في وجه مشاريع الهيمنة الامبريالية والتفتيتية في العالم بشكل عام، ومنطقتنا بشكل خاص. فبالرغم من أن روسيا حاضراً ليست الاتحاد السوفياتي، ولن تكون، إلّا أنها، ومن خلال تدخلها للدفاع عن مصالحها الاقتصادية وعن أمنها القومي في منطقتنا، أمّنت مظلّة لما تبقى من مواثيق تُحكَم بموجبها العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب، واستطاعت سوريا وحلفاؤها، من خلال تلك المظلة، الحفاظ على آخر مواقع المقاومة للمشروع الأميركي والصهيوني والرجعي العربي، الهادف إلى تمرير مشاريع التفتيت والتقسيم والتطبيع مع الكيان المغتصب، والتسليم بوجوده وقيادته لمنطقتنا، ما قد يفتح الآفاق مجدّداً أمام قيام مقاومة عربية شاملة لتحرير كل الأراضي العربية المغتصبة، وتأمين الظروف المؤاتية لإسقاط جميع مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وقضايا أمتنا العربية في التحرّر والتقدم وبناء الدول الوطنية الديمقراطية العادلة.
أمام تلك الهدية الروسية للكيان الصهيوني، ومن موقع التمسك بالعلاقات التاريخية والصداقة التي تجمع شعبنا اللبناني وشعوبنا العربية مع الشعب الروسي الصديق والحرص على تطويرها دائماً، نأسف في الحزب الشيوعي اللبناني على هذه الخطوة التي لم تأخذ في عين الاعتبار أن الجندي القتيل سقط على أرضٍ لبنانية أثناء غزوه للبنان عام 1982، وتحديداً في بلدة السلطان يعقوب التي تقع على بعد مسافة قليلة من بلدة كامد اللوز، مسقط رأس الشهيد البطل جمال ساطي، والذي لا تزال يُحتجز رفاته من قبل العدو الصهيوني حتى اليوم، إلى جانب رفاقه الأبطال شهداء حزبنا وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي: الياس حرب، حسام حجازي، ميشال صليبا، يحيى الخالد، فرج الله فوعاني، حسن ضاهر، أياد قصير وحسن موسى، الذين رسموا بدمائهم خريطة الوطن المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني لأرضنا، إلى جانب الآلاف من رفاقهم الأبطال، من كل الأحزاب والقوى المقاوِمة، الذين كانوا أمينين وأوفياء لنضالات كل الشعوب وتضحياتهم في مقاومة الاحتلال لأرضهم، ومن موقعهم الأممي، حين غرفوا، من تجارب الشعب الروسي العظيم ومن حربه الوطنية العظمى في مواجهة الاحتلال النازي، العلوم العسكرية وأتقنوها واستخدموها في حربهم مع عدو اعتدى دوماً على أرضهم ولا يزال، ظناً منه أنه لا يُقهر، فانهزم وسقط وأسطورته.
إن قضية شهدائنا المحتجز رفاتهم لدى العدو الصهيوني، كما قضية الأسير يحيى سكاف، والأسير الرفيق جورج إبراهيم عبدالله المعتقل في السجون الفرنسية، هي ملفات مفتوحة من ضمن الصراع القائم مع العدو الصهيوني، ولن نألوَ جهداً في العمل، وبالوسائل النضالية والمشروعة كافة، والتي كفلتها كل المواثيق الدولية، لتحريرهم، لبلسمة جراح أهلنا في تكريمهم بغار النصر الذي يستحقونه.
* عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني والمسؤول عن لجنة الشهداء