في الوقت الذي بدأ فيه جمر الموسم الأوّل من «بيت التنين» (House of the Dragon) بالبرود، تشتعل نيران الترقّب في أوساط عشّاق المسلسل الفانتازي الذي سيبصر موسمه الثاني النور بعد غدٍ الأحد على شبكة HBO ومنصّتها الخاصة بالبثّ التدفّقي. يأتي ذلك بعدما كان الإضراب التاريخي غير المسبوق لكتّاب السيناريو والممثلين في هوليوود قد أرجأ لأشهر عدّة طرح العمل المؤلّف من ثماني حلقات وتدور أحداثه قبل قرنَيْن تقريباً من أحداث «صراع العروش».رغم التكتّم الشديد الذي تُحاط به الحبكة وتفاصيل العمل الذي يدور في عالم جورج آر. آر. مارتن الساحر، تؤكّد الأنباء الشحيحة الواردة من الكواليس أنّه على كلّ مَن كان يعتقد أنّ الجزء الأوّل كان مليئاً بالدراما والتنانين والنزاعات بين السلالات، الانتظار والتشبّث جيّداً لأنّ العاصفة لم تنته بعد.
تنطلق الأحداث من حيث انتهت: «رينيرا» (إيما دارسي)، ابنة الملك المتوفّى «فيسيريس» (بادى كونسيدين)، تتنافس على العرش مع أخيها غير الشقيق «إيغون» (تاي تيننت). وعبر مقتطفات قليلة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبيّن أنّ النساء سيؤدين دوراً أساسياً في بناء الحبكة وتصاعد الأحداث، شأنهن شأن التنانين التي تأخّر ظهورها في Game of Thrones حتّى المواسم الأخيرة.
وكان جورج آر. آر. مارتن قد أوضح في فيديو ترويجي أنّ «كل شيء أصبح أكبر، وثمة أماكن إضافية» تجري فيها الأحداث وتُخاض فيها المعارك.
الكاتب الأميركي البالغ 75 عاماً، أشار أيضاً إلى أنّ «بيت التنين» يمكن أن يُعدّ بمعنى ما «استعارة ترمز إلى القوّة النووية. فثمة قوّتان عظميان: البيت الأسود، والبيت الأخضر. ولدى كلّ منهما تنانين هي وحوش حية». وأضاف: «مجرّد ركوب الإنسان التنين لا يعني تحكّمه به».
تكثر التحليلات حول أسباب شعبية «بيت التنين» وتصنيفه من بين أكثر المسلسلات إثارة وما يمكن توقّعه من عودته، وخصوصاً بعدما جذبت حلقته الأولى الصادرة في 21 آب (أغسطس) 2022 نحو 10 ملايين مشاهد في الولايات المتحدة في عرضها الأوّل، وهو أكبر جمهور لمسلسل أصلي في تاريخ HBO.
ولعلّ أبرز ما يمكن الحديث عنه في هذا الإطار هو ارتقاء الموسم الأوّل إلى آفاق أسطورية، فضلاً عن أنّه ألهب شاشاتنا بصور مذهلة وشخصيات مركّبة مكتوبة بعناية شديدة. صراعات السلطة بين «آل تارغاريان» سمّرت المشاهدين أمام الشاشات، فيما أبقت المؤامرات السياسية أعصابهم مشدودة طوال الوقت. ومع تأكيد HBO استمرار هذه الملحمة النارية، من الواضح أنّ المسلسل لم يحقّق نجاحاً كبيراً فقط، بل استحال ظاهرة ثقافية. أما المزيج السلس بين سرد القصص الثرية والمشهدية المذهلة، فترك الجمهور متعطّشاً للمزيد.
مع نهاية الجزء الأوّل، وجد المشاهدون أنفسهم على حافة السكين، بعدما تغيّرت التحالفات بوتيرة أسرع من التنين «كراكسيس» (يقوده «ديمون تارغاريان» الذي يجسّده مات سميث) في الجو. لكن اليوم، يتوقَّع أن يزيد الموسم الثاني من جرعات التوتّر، وأن نرى المزيد من الإستراتيجيات الماكرة، والخيانات الدموية، مع حصة وافرة طبعاً لمعارك التنانين التي ستضعنا في قلب «ويستروس».
جورج آر. آر. مارتن: «مجرّد ركوب الإنسان التنين لا يعني تحكّمه به»


أما الشخصيات التي نجت من الجولة الأولى، فأصبحت الآن أكثر صلابة وجاهزة للقتال الحقيقي. هكذا، تستعدّ «رينيرا تارغاريان» لإثبات قدرتها على تحمّل ثقل «العرش الحديدي» بعد وفاة والدها الملك «فيسيريس»، بينما تواصل أرملته الملكة «أليسينت هايتاور» (أوليفيا كوك) اللعبة وفقاً لمجموعتها الخاصة من القواعد القاسية. ويُنتظر أن تضيف شخصيات جديدة وقوداً إلى اللهب، مقدّمةً وجوهاً جديدة في المعركة، وضامنةً ألا يكون أحد في مأمن من المذبحة.
وإذا كان هناك شيء واحد تعلّمناه من الموسم الأوّل، فهو أنّ فريق إنتاج المسلسل يتقن صناعة وليمة شهيّة للعيون. لذلك، يمكن للجميع توقّع المزيد من المشاهد المبهرة القائمة على التصاميم المعقّدة لـ «دراغونستون»، والجمال المرعب للنيران الخارجة من أفواه التنانين الساحرة التي تضيء الليل الحالك، وغيرها. فكلّ لقطة ستكون حتماً عملاً فنياً.
وبما أنّ «ويستروس» عالم شاسع، يعد الموسم المرتقب بالتعمّق أكثر في تاريخه وتقاليده الغنية، آخذاً المتابعين في رحلة إلى مواقع جديدة وأسرار خفية، والآثار المترتبة على «الحرب الأهلية التارغارية». وبطبيعة الحال، الهدف من هذا ليس فقط إرضاء المعجبين المتحمّسين، بل إثارة اهتمام القادمين الجدد.
وعلاوة على كل شيء، «بيت التنين» هو قصة عن السلطة: مَن الذي يمارسها؟ ومن يتوق إليها؟ ومن يعاني تحت وطأتها؟ ووفقاً لهذه القاعدة، سيواصل الجزء الثاني استكشاف هذه المواضيع بكثافة وبراعة، ما يثبت أنّ «صراع العروش» لم ينتهِ بعد. علماً أنّ مصادر مقرّبة من صنّاع العمل أكّدت أنّ ورشة كتابة الموسم الثالث انطلقت بالفعل.
لذا، سواءً كنتم من المخضرمين في «ويستروس» أو من الوافدين الجدد الذين تجذبهم التنانين، يعدكم «بيت التنين 2» بجولة درامية جامحة.
لا تزال النيران مشتعلة، والأفضل لم يأتِ بعد! فجهّزوا دروعكم، وثبّتوا قلوبكم، واستعدوا لحدث تلفزيوني سيجعلكم تحبسون أنفاسكم!

* الموسم الثاني من «بيت التنين»: بعد غدٍ الأحد على شبكة HBO ومنصة HBO Max وOsn+