«هل وضعت الإمارات العربية المتحدة يدها على صحيفة «النهار»؟ سؤال تصدّر صفحات السوشال ميديا بعدما أعلنت رئيسة تحرير الصحيفة اللبنانية نايلة تويني، يوم الإثنين الماضي عن إصدار العدد الورقي من الجريدة في الإمارات. ليس هذا المشروع التعاونَ الأول بين تويني والإماراتيين، بل سبق للصحافية اللبنانية أن أطلقت موقع «النهار العربي» (تابع لموقع الصحيفة اللبنانية) في عام 2020، ليُعنى حصراً بالشؤون الخليجية. لم يكن هدف الموقع منافسة باقي المنصات في المشهد الرقمي، بل كان مجرّد واجهة للترويج للسياسات الإماراتية وكل ما يدور في فلكها. لكنّ ولادة العدد الورقي في هذه المدة الصعبة التي تشهدها الصحافة الورقية في العالم، طرح عدداً من التساؤلات حول الجهة الإماراتية المموّلة له، خصوصاً أنّه يتردّد أن «النهار» ستوسّع طباعتها الورقية لتشمل دولاً خليجية أخرى. كذلك، يطرح المشروع عدداً من علامات الاستفهام حول مستقبل الصحيفة اللبنانية في ظلّ طغيان التمويل الإماراتي عليها ومدى تغيّر سياستها التحريرية لتصبح مجرّد بوق إماراتي وخليجي.
(نهاد علم الدين)

هكذا، مشت تويني عكس «التيار»، لتعلن عن مشروع إعلامي ورقي يصدر في الإمارات. وأوردت في مقال نشرته على موقع «النهار» الإلكتروني: «هي شابة في الحادية والتسعين من عمرها. اليوم تنطلق «النهار» في رحاب الإمارات العربية المتحدة، في أول حلقة من التوسع في العالم العربي، لتطبع أعدادها تباعاً في عواصم عدة. انطلاقاً من عامها الحادي والتسعين، تنطلق في مسيرة انتقالية، وليست تجريبية قبل الانطلاقة الكبيرة في أيلول المقبل، وستقوم خلالها بعدّ تنازلي، يمتد على أيام تساوي عدد سنواتها الـ 91، تقدِّم خلالها محطات من وقفات «النهار»».
تأتي «مغامرة» «النهار» الإماراتية لتخالف واقع الصحافة الورقية في العالم العربي، خصوصاً في غضون الأعوام الخمسة الأخيرة، أقفلت أكثر من خمس صحف لبنانية أبوابها من بينها «المستقبل»، و«السفير» و«الاتحاد» و«الحياة» و«نداء الوطن» وغيرها. حتى إنّ صحيفة «النهار» لم تكن في منأى عن المشكلات المالية التي تعانيها الصحافة الورقية، ففي عام 2019 صرفت غالبية موظفيها القدامى وقلّصت عددها الورقي إلى النصف، لتصدر حالياً بـ 12 صفحة ورقية فقط. يومها، واجهت تويني تهماً بقضم حقوق المصروفين ورواتبهم المكسورة لأشهر طويلة بعدما دفعت حقوق الموظفين بالليرة اللبنانية، في ظلّ أزمة مالية خانقة وارتفاع سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة.
مشاريع تندرج ضمن المنافسة الشرسة بين «الإخوة الأعداء»


على الضفة نفسها، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ طبعة «النهار» الإماراتية وُضعت خططها في لبنان بينما طبعت فقط في الإمارات. وتشير المصادر إلى أنّ الصحيفة اللبنانية خصصت فريق عمل صغيراً في الإمارات لإنجاز العدد، على أن تعلن قريباً عن مكتبها في الإمارات بالتعاون مع شركة «شويري غروب» التي ستوفّر لها العائدات الإعلانية. وتشير المعلومات إلى أنّ العدد الورقي يحاول استعادة رونق الإمارات في الصحافة الورقية، ويأتي ضمن مجموعة مشاريع إعلامية مع تويني ستتضح صورتها لاحقاً. مع العلم أنّ الإعلام الخليجي ليس في منأى عن المشكلات المالية وفورة السوشال ميديا. إذ تمرّ الصحافة الورقية الإماراتية بأزمات مالية في الأعوام الأربعة الأخيرة ولم تستعد عافيتها بعد. وفي عز جائحة كورونا عام 2020، قضمت غالبية المؤسسات الإماراتية قرابة الـ15 في المئة من رواتب الموظفين بسبب الأزمات المتلاحقة. وحوّلت غالبية المجلات الأسبوعية إلى شهرية على رأسها «زهرة الخليج» التي تصدر عن «شركة أبوظبي للإعلام» منذ عام 1979، بينما قلّصت العدد الورقي لأهم الصحف وعلى رأسها «الإمارات اليوم» المدعومة مباشرةً من الدولة. في المحصّلة، يبدو أنّ «النهار» الإماراتية تشكّل ذراعاً إعلامية جديدة توظّف في خضم المنافسة الشرسة بين «الإخوة الأعداء»، أي قطر والسعودية، من دون أن ننسى ما يستتبعه ذلك من احتمال وخطر الالتحاق الكامل بمشروع الإعلام الإبراهيمي.