رغم طغيان الأخبار الزلزالية طوال الأسبوع الماضي، تبدّل مشهد النشرات الإخبارية بعض الشيء مساء السبت. هكذا، عادت القنوات اللبنانية كلّ إلى «خندقها» لرمي الأحجار التي طالت الداخل والخارج. الخبر الأكثر أهمّية كان رفع الولايات المتّحدة جزئياً وموقّتاً العقوبات التي تطال الأعمال الإغاثية في سوريا، بعد أيّام من الإنكار المتكرّر لعدم تأثّر تلك الأعمال بالعقوبات. في هذا الصدّد أتت مقدّمة نشرة أخبار «المنار» عالية اللهجة ضدّ «العمّ سام» ونفاقه، مثنيةً على التقاء مجموعات من مختلف الأطياف حول العمل الإغاثي في سوريا. ويمكن وضع مقدّمة «الجديد» في الخانة نفسها، ولو أنّ لغتها كانت أكثر «حيادية» تجاه الولايات المتحدة.فعلت mtv الأمر ذاته من حيث افتتاحها بأخبار الزلزال، قبل أن تفرد الجزء الثاني من مقدّمتها لتبنّي موقف «القوات» في الهجوم على «التيار الوطني الحر» بعد قبول الأخير المشاركة في جلسة نيابية. وادّعت mtv أنّ قبول باسيل بالجلسة بعد رفضه المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، إنّما هو لتمرير أجندته وعلى رأسها التجديد للمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، متناسيةً عمداً مطالبة باسيل العلنية بمناقشة قانون الـ«كابيتال كونترول»، وكذلك التفسيرات الدستورية التي يتسلّح بها باسيل في تفسيره لشرعية الجلسات النيابية في مقابل عدم شرعية الجلسات الحكومية، وأيضاً تماهي موقف «القوات» مع «التيار» في ما يخصّ الجلسات الحكومية.
أمّا المقدّمة النارية، فكانت من OTV. افتتحت القناة البرتقالية نشرتها بالهجوم مباشرةً على «القوات»، فنبشت كلّ ما هنالك من قبور منذ ثلاثة عقود وصولاً حتى اليوم، واستغرق هجومها هذا معظم وقت المقدّمة، قبل أن تنهيها بمهاجمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشكل سريع وبعدها خبر رفع العقوبات الجزئي.
على ضفّة LBCI، لم تختلف المقدّمة من حيث أخبار الزلزال. لكنّ الغريب كان بثّ تقرير في سياق النشرة للتسويق لطرح الفدرالية بشكل مبطّن. هكذا، حاول معدّ التقرير يزبك وهبة إقناع المشاهدين بأنّ «الفدرالية هي عكس التقسيم» وأنّ كلا مؤيّديها ونابذيها يظنّون أنّها تعني التقسيم، واستعرض أسماء مجموعة دول قال إنّ أنظمتها فيدرالية مثل ألمانيا والولايات المتحدة، وبرّر بأنّ الطرح يعني احترام الخصوصيات. هكذا، تناسى معدّ التقرير كلّ الأطروحات عن «لبنان الرسالة» و«الهوية الوطنية الجامعة»، وتناسى أنّ الدول التي استخدمها لتسويق الطرح إنّما فيدراليتها ليست مبنية على أسس طائفية ومذهبية كما سيحصل في لبنان في حال اعتمادها، وتناسى أنّ المناطق اللبنانية كلّها - بدون استثناء - مختلطة وليس هناك من «خصوصيات» حكراً على منطقة دون غيرها، والأهمّ أنّه تناسى أنّ المقاطعات الفدرالية في البلدان التي استعرضها هي بحجم لبنان أو أكبر؛ فأيّ عاقل «يفدرِل» مقاطعة بحجم نيويورك؟ على أيّ حال، مشهد مساء السبت يثبت أنّ القنوات عادت إلى نغماتها القديمة، حيث كلّ يغنّي على ليلاه.