الهزّة التي أحدثها قرار النائب العام المالي علي ابراهيم، في قراره بوضع اشارة «منع تصرف» على أصول 20 مصرفاً وإبلاغ القرار الى «المديرية العامة للشؤون العقارية» و«أمانة السجلّ التجاري» و«هيئة إدارة السير والآليات» وحاكمية مصرف لبنان و«جمعية المصارف» وهيئة الأسواق المالية، مع تعميم منع التصرف على أملاك رؤساء مجالس إدارة هذه المصارف، يبدو أنها لم تصب حصراً المصارف. بل طالت شظاياها شخصيات سياسية ووسائل إعلام، ادعى أغلبها في الفترة الماضية، أنه يناصر الحراك اللبناني، ويصطف الى جانب الناس، خاصة في معركتهم المفتوحة مع البنوك. بين الأمس واليوم، وما بينهما قرار مدعي عام التمييز غسان عويدات تجميد قرار المدعي العام المالي، انبرت صحف وقنوات تلفزيونية، للدفاع عن المصارف، بل ذهب أغلبها في التهويل لتداعيات قرار ابراهيم، على المصارف وحتى على البنوك الخارجية التي تستثمر داخل البلاد. في مقدمة هؤلاء mtv، التي اعتبرت قرار ابراهيم بأنه «سيهز الواقع المالي والإقتصادي»، وأرجعته الى كباش بين الرئاستين الأولى والثانية، «ارتدى قناعاً قضائياً». وفي تقرير بث في نشرة أخبارها المسائية (موريس متى)، استنفر المعدّ أدواته لإثبات أن القانون يمنع النيابات العامة من وضع حجز على العقارات، وأضاف أنه من حق المتضرر اي المصارف إقامة دعوى قضائية أمام القضاء المستعجل، وأنّ أمر ملاحقة المصارف يقع حصراً على حاكمية مصرف لبنان. التقرير اعتبر أن للقرار «تأثيراً كبيراً» على المصارف، سيما في ما يخص «المخاطر على السمعة»، وهوّل في امكانية مغادرة المصارف الأجنبية الساحة اللبنانية. ورغم كل هذه الأجواء التهويلية، والمستميتة على المصارف، استضافت النشرة الخبير القانوني انطوان صفير، الذي قال بأن القرار يحتاج الى مزيد من القراءة وانتقد فقط عدم استناده الى نص قانوني. ورغم تأكيد القاضي ابراهيم لـ «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن القرار لا يطال المودعين وأموالهم، الا أن «الجديد» أصرّت على استخدام هذه الورقة، لسهولة التهويل بها على اللبنانيين. ففي مقدمة نشرة أخبارها أمس، وصفت القرار بـ «الضربة القضائية التي وضعت اليد على الأصول لكنها طالت المودعين»، واتهمت رئيس المجلس نبيه بري بتشريع القرار وسنّه. وعادت ووصفت القرار القضائي بـ «الزلزال على اللبنانيين وجمعية المصارف». هكذا، أضحى الزلزال يطال وسائل الإعلام، لا المصارف حصراً، وكان مؤكداً هذه المرة الإستزلام لهذه المنظومة، وتعرية الخطابات الرنانة التي سيقت إبان الحراك اللبناني.

على تويتر يحتلّ هاشتاغ «#يسقط_القاضي_غسان_عويدات»، كرد فعل مباشر للبنانيين على تعطيل قرار يساند المودعين الصغار، وفي هذه المساحة، تعرية لأبرز عناوين الصحف الصادرة صبيحة اليوم، والتي لم تتردد في التطبيل لقرار عويدات. فقد عنونت «النهار»: «من وراء محاولة الإنقلاب الفاشلة على المصارف؟»، و«الجمهورية»: «عويدات ينقذ البلد من زلزال». أما «الشرق»، فاتهمت «الحزب العظيم بالضغط على القضاء للقضاء على المصارف»، واشادت بقرار القاضي عويدات. هكذا، ضمن أقل من 24 ساعة، تاريخ إصدار القاضي ابراهيم قراره الذي وصف بـ «التاريخي» و«الجريء» وتجميده من قبل مدعي عام التمييز، سطعت بشكل واضح الإصطفافات السياسية والإعلامية، التي تعرّت مرة واحدة، واسقطت عنها الأقنعة التي لازمتها طيلة الأشهر الماضية.