تصهر بيروت اللبنانيين الآتين من مختلف المناطق في بوتقتها حتى يصعب إكتشاف المناطق التي جاؤوا منها. لكن الطريقة الأسهل للتعرّف إلى مسقط رأس كل شخص هي بالتحدّث معه والإستماع إلى لهجته. اليوم، أصبحت اللهجة المناطقية موضة رائجة في البرامج الترفيهية والساخرة. في هذا السياق، جسدت شخصية «أبو رياض» التي أدّاها عادل كرم في برنامج «لا يملّ» (لاحقاً «ما في متلو») قبل أكثر من 10 سنوات على «المستقبل» بفكاهة الشخصية البيروتية، إلى درجة أنّ هذا الكاراكتير إلتصق بالممثل اللبناني ولا يزال من أنجح الأدوار التي ظهر بها. من جهته، في عزّ شهرة برنامج «شي.أن.أن» الذي قدّمته «الجديد» لسنوات، كانت اللهجة الصيداوية التي عرف بها الممثل وسام سعد من خلال شخصية «أبو طلال»، الأوفر حظاً وطلباً بين المتابعين. إبن صيدا كان مميّزاً لأنه يتحدّث بالصيداوي في حياته اليومية من دون تعديل أو «تجميل». في المقابل، لم يكن «أبو طلال» إكتشاف «شي.أن.أن» فقط، بل أيضاً شهد العمل الساخر إكتشاف عباس جعفر القادم من بعلبك التي تظهر جلياً في لهجته. مع تفكّك فريق «شي.أن.أن»، حاول وسام وعباس أن يستمرّا بشخصيتهما، ولكن كل واحد إختار الطريق الذي يفضّله. هكذا، بقي «أبو طلال» ضمن «الجديد» حيث قدّم قبل عام برنامج «أبو طلال الأجدد TV». للأسف، لم يكتب للممثل النجاح، ووقع في فخّ الابتذال ولم يحافظ على شخصيته الاساسية وهي المواطن الصيداوي البسيط. بالتالي إختفى «أبو طلال» عن الشاشة. أما عباس فقد ركّز على حضوره في الافلام والمسلسلات، ولكنه تأرجح بين النجاح والفشل، وحصر تقديمه بشخصية البعلبكي «الجردي» الذي لم ير فتاة في حياته ويكتشف للتو حياة السهر. من هذا المنطلق، إنضمّ عباس لفريق برنامج «بيت الكل» الذي يقدمه عادل كرم كل جمعة (21:40) على قناة mtv. رفع إلتحاق عباس من نسبة متابعي المشروع، لكنه وقع أيضاً في فخّ تسطيح شخصية البعلبكي الذي صوِّر كأنه «يغزو المدينة». على الضفة الأخرى، إستعان برنامج «لهون وبس» الذي يقدّمه هشام حداد على قناة lbci (كل خميس 21:40) بشخصية جديدة ظهرت على الشاشة وهي أمل طالب. الأخيرة طالبة مسرح قادمة من إحدى المناطق المحيطة بمدينة بعلبك، لكنها كانت تنشط على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بلهجتها. في الموسم الحالي من البرنامج الساخر، أفرد حداد مساحة جيّدة لأمل التي راحت تروي قصصاً مضحكة تحصل مع أهالي البقاع وبعلبك. نجحت أمل في لفت الانتباه والكشف عن مواهبها في التمثيل وسرد بعض الروايات التي تحصل فعلياً مع البعلبكيين، لكنها كانت تقع أحياناً في فخّ قد لا يكتشفه إلا البقاعيون. فاللكنة البعلبكية كانت «تفلت» أحياناً من أمل، وهذا الأمر بالطبع يرجع لإندماجها في حياة المدينة. بإختصار، لا تنتهي لائحة الشخصيات التي ظهرت على الشاشة تتحدث لهجة مناطقها، لكن اللافت أن اللهجة البعلبكية باتت مطلوبة في البرامج الساخرة بعدما كان يجدها بعضهم خشنة بسبب عباراتها..