افتتحت «دار قنبز» فضاءها الجديد «أهل الدار» في أواخر عام 2023 في الحديقة العامة في منطقة فرن الشبّاك، ليكون مساحة مخصّصة للعروض المسرحيّة والسينمائيّة والموسيقيّة، إضافة إلى ورش العمل والمعارض الفنيّة وبيع كتب الدار ومنتجاتها. في كل شهر، تختار «قنبز» موضوعاً محدّداً لتدور حوله أنشطة واحتفالات الفضاء. وقد اختيرت آلة البزق لتكون موضوع شهر حزيران (يونيو). هكذا، يحتفل الفضاء طوال الشهر الحالي بإحدى أقدم الآلات الموسيقيّة التي تواجدت في عددٍ من البيئات الشعبيّة والحضريّة أبرزها بلاد الشام. تحت عنوان «مع البزق ب أهل الدار»، ترافق عازفة البزق فرح قدّور، الفضاء في احتفالاته، فتفتتح غداً أنشطة الشهر، بإطلاق ألبومها الفردي الأوّل «بَدَا».

يتضمن الألبوم سبع معزوفات لقدّور على البزق، يرافقها الموسيقي علي الحوت على الإيقاع. خمس مقطوعات ارتجلتها الموسيقيّة لحظة تسجيلها داخل الاستديو هي: «استهلال»، و«في البمب»، و«حجازكار حالك»، و«خزامى» و«تردد». إضافة إلى مقطوعة من التراث العربي بعنوان «بلبل الأفراح»، ومقطوعة «مدّ وجزر». تتحدّث قدّور عن تجربتها في تسجيل ألبومها الفردي الأوّل بقولها: «لم أكن أتخيّل أنني سأتمكن من تسجيل ألبومي الأوّل بهذه السرعة، لكن عندما دعاني رضوان مومنة، أحد مؤسسي علامة التسجيل «أسدٌ عليّ» لتسجيل الألبوم، شعرت بالتحدّي وبدأت على الفور». وفي ما يخص عمليّة تسجيل الألبوم، تقول قدّور إنّ «لهذه العملية جانبين. شعرت بحريّة مطلقة وكانت هذه فرصتي للتعبير عمّا أريده عبر البزق. لكن في المقابل، ليس سهلاً أن أكون المسؤولة الوحيدة، فإنتاج ألبوم كامل يعد مسؤوليّة كبيرة». بدأت قدّور العزف على البزق في عمر الخامسة عشرة. تسترسل في حديثها عن هذه الآلة، قائلة: «أصبح البزق جزءاً من هويتي، ما لا أستطيع تركيبه بالكلمات، يساعدني البزق في التعبير عنه بطريقتي الخاصّة». تزامناً مع إطلاق قدّور ألبومها الجديد غداً، سيفتتح «أهل الدار» معرضاً بعنوان «من خشب لبزق» حيث يقدّم صانع البزق جورج الشيخ مراحل تحوّل الخشب إلى آلة البزق. ثمّ يعود الشيخ في الثامن من حزيران ليقدّم دائرة معرفة بعنوان «فينا نتعرف؟ عكيفية صناعة آلة البزق؟»، فيستقبل عشرة مشتركين في ورشة تبلغ مدتها أربع ساعات، يعلّمهم فيها كيفيّة صناعة الآلة الوتريّة. إلى جانب الدائرة التي يقدّمها الشيخ، تقدّم قدّور دائرة معرفيّة في الوقت ذاته بعنوان «فينا نتعرف؟ ع آلة البزق»، تساعد عبرها الأطفال والكبار على اختبار العزف على آلة البزق.
آلة رافقت أهل بلاد الشام وما بين النهرين في الترحال والأفراح، والمواويل والحصاد والشجن والغزل


وفي السادس عشر من الشهر الحالي، يحلّ الموعد مع الباحث شارل الحايك، تحاوره القدّور، ليتناولا تاريخ آلة البزق ومنشأها وتاريخ الموسيقى العربيّة في بلاد الشام. ويحضر إلى «أهل الدار» محمد مطر ابن عازف البزق الشهير مطر محمد، يوم الثالث عشر من الشهر، ليتحدّث عن الموسيقى العربيّة وحياة وأعمال والده، ضمن جلسة حواريّة تحمل عنوان «رحلة من مطر محمد لمحمد مطر»، لتلي الجلسة حفلة موسيقيّة. أمّا عن باقي الحفلات، فتقدم قدّور بالاشتراك مع الموسيقي مروان طعمة حفلة (19 حزيران) على البزق والغيتار ضمن أسلوب إلكتروني تحت عنوان «حديث بين البزق والغيتار». وفي السادس والعشرين من الشهر، يستضيف الفضاء تحت عنوان «وَتَرَين» الموسيقي أسامة عبد الفتاح ليقدّم هو وقدّور حواراً بين العود والبزق يستعرضان عبره موسيقى عصر النهضة من موشّحات، وقوالب وأدوار. وفي اليوم الأخير من شهر حزيران، سيكون الجمهور على موعد مع حفلة يقدّمها سماح بو المنى على الأكورديون مع فرح قدّور على آلة البزق، وتتخلّلها أغنيات لزكي ناصيف وأغنيات من تراث بلاد الشام. تتحدّث ندين توما، مؤسِّسة «دار قنبز» مع زميلتها سيفين عريس، عن أنشطة «أهل الدار» الشهريّة، مشيرة إلى أنّ الفضاء «يدمج التسلية والترفيه بالمعرفة، ولا تهمّه الأنشطة التجاريّة التي تعتمد على التسلية غير النفعيّة. نعمل على زيادة معرفة الزوّار بمنطقتنا وتاريخها الثقافي وإرثها الفنّي والأدبي، وهذا كان هاجس «دار قنبز» الوحيد منذ تأسيسها عام 2006». أمّا عن أنشطة شهر حزيران تحديداً، فتعلّق توما: «نحتفل بالبزق كلّ شهر حزيران ونحتفل بفرح قدّور وإطلاق ألبومها الجديد. آلة رافقت أهل بلاد الشام وما بين النهرين على مرّ العصور في الترحال والأفراح، والمواويل والحصاد، والشجن والغزل، والبلاط والخيمة، والمدينة والبادية». يذكر هنا آلة البزق التي تحتل جزءاً كبيراً من تاريخ بلاد الشام الموسيقي، لا تُدرّس في الكونسرفاتوار الوطني اللبناني حتّى الآن.

«مع البزق ب أهل الدار»: حتّى الثلاثين من شهر حزيران (يونيو) - «أهل الدار» (فرن الشبّاك ــــ الحديقة العامة). للاستعلام: 01/380533