من الإصدارات الحديثة في تونس كتاب بعنوان «تاريخ تونس من قرطاج إلى الزمن الراهن» للمؤرّخة صوفي بسيّس (الصورة)، وترجمة المتخصّص في الحضارة الإسلامية نادر الحمّامي.تعود بسيّس في كتابها إلى تأسيس قرطاج الذي تقول إنّه جرى على يد أميرة فينيقية اسمها عليّسة «وتعرف أكثر في أوروبا باسم آخر هو «ديدون»، وقد تمّ طردها من موطنها صور جنوب لبنان حالياً إثر خيانة أخيها بغماليون». وتشير إلى أنّ تأسيس قرطاج يعود «إلى القرن الثالث أي إلى حوالي خمسة قرون بعد الملحمة المفترضة».
وترى بسيّس أنّ «تاريخ الحضارة البونيقية هو من أصعب ما يمكن إعادة صياغته من بين كل تواريخ العالم القديم بسبب غياب المراجع التي أحرقها الرومان سنة 146قبل الميلاد في نهاية الحرب البونيقية».
وتستحضر الصراع في غرب المتوسط بين الإغريق والقرطاجيين من أجل السيطرة على المتوسط و«يقوم العدد الكبير من النقوش على شواهد القبور المكتوبة بلغتين دليلاً على وجود جالية لغوية إغريقية في قرطاج».
وتخصص الفصل الثاني في الاحتلال الروماني لقرطاج، وصولاً إلى وصول العرب القادمين من شبه الجزيرة العربية حوالي سنة 636 م. بالتوازي مع سيطرتهم على المناطق البيزنطية في الشام والعراق وفلسطين، كما دخلوا مصر وسيطروا خلال عشر سنوات على الشرق الأوسط كاملاً.
وتتبّعت بسيس تفاصيل المراحل السياسية التي عاشتها تونس، مثل المرحلة الأغلبية في القيروان، والفاطمية في المهدية، وبداية تشكّل ما سمته «دولة تونسية ثانية» في عهد الدولة الحفصية (1228/1574) ومرحلة المملكة التونسية إلى حدود 1830.
القسم الثاني من الكتاب خصّصته لتونس المعاصرة وأزمنتها الأربعة، وهي: المرحلة الإستعمارية (1881/1956)، ونشأة الحركة الإصلاحية وبروز حركة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، ثم مرحلة الاستقلال وبناء الدولة بين الرئيسين بورقيبة زعيم الاستقلال وبن علي الذي سقط حكمه بعد انتفاضة شعبية في 14 كانون الثاني (يناير) 2011. وخصّصت الفصل الأخير لمرحلة ما بعد الثورة وصعود الإسلام السياسي وما سمته «خيبة الأمل الديمقراطية والنزوع الشعبوي».
ويرى المترجم نادر الحمامي أنّه إذا كان لا بد من عنوان فرعي للكتاب، فهو «تونس بلد المفارقات العجيبة». وهي المفارقات التي نجد صداها في الكتاب كما يقول المترجم.
هذا الكتاب الصادر عن دار «نرفانا» في تونس في حوالي 500 صفحة، ليس مجرد تأريخ بل قراءة في تاريخ تونس وتحوّلاته منذ وصول الفينيقيين من صور اللبنانية إلى سواحل قرطاج.