أعلنت وزارة الثقافة في تونس عن مشروع ضخم سيستمرّ على مدى ثلاث سنوات لإنقاذ أرشيفها السينمائي برقمنة حوالى 32 ألف وثيقة مصوّرة على مدى سبعين عاماً من تاريخ تونس الحديث والمعاصر. هذه الثروة المخزّنة منذ سنوات في مخازن قمرت التي كانت تابعة لشركة التنمية السينمائية المملوكة للدولة التي أنتجت كل الأفلام التونسية من الستينيات إلى الثمانينيات قبل أن تتم تصفيتها، أصبحت في جزء منها مهددة بالتلف. وقد أطلقت وزارة الثقافة هذا المشروع لحفظ الذاكرة التونسية. فمن بين مجموعات هذا الأرشيف نجد «الأخبار التونسية» التي أُنتجت منذ عام 1956 قبل بعث التلفزة التونسية، وهي نشرة سينمائية واكبت استقلال البلاد وبدايات تأسيس الدولة الوطنية، وتغطي أنشطة الزعيم الحبيب بورقيبة، وأهم الأحداث التي عاشتها البلاد كما تضمّ أفلاماً طويلة وأخرى قصيرة ووثائقية، إلى جانب ريبورتاجات وأشرطة من فلسطين وليبيا والجزائر والمغرب ومصر والسنغال وساحل العاج ونيجيريا والكاميرون والأردن ولبنان والكويت وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وأشرطة تهم الهياكل الوطنية التونسية (مثل الاتحاد العام التونسي للشغل) والعديد من الوزارات مثل مؤسسة رئاسة الجمهورية ووزارة العدل ووزارة الدفاع الوطني. كما نجد بعض الأشرطة التي تهم بعض الأحزاب السياسية التونسية وأخرى خاصة بمناسبات شخصية وعائلية، فضلاً عن أفلام خاصة بالجامعة التونسية للسينمائيين الهواة وأيام قرطاج السينمائية ومهرجان قليبية الدولي للسينمائيين الهواة في بداياته.
ومن أهداف المشروع الذي يحمل اسم «إنقاذ الأرشيف السمعي البصري الوطني» مختبر رقمنة سينمائي سمعي بصري قادر على مواكبة احتياجات قطاع الإنتاج السينمائي والبحث العلمي وأرشيف سمعي بصري وسينمائي. وسيكون هذا الأرشيف متاحاً للباحثين في تاريخ تونس السياسي والثقافي.
وفي الحقيقة، مشروع رقمنة الأرشيف السينمائي التونسي كان موضوع حديث العديد من الحكومات المتعاقبة منذ عهد الرئيس بن علي لكن لم يتحقق فيه شيء على المستوى العملي. الآن، أصبح هذا المشروع أمراً واقعاً بعد أن انطلقت عملية الرقمنة وحصر الوثائق في مختبرات قمرت في ضواحي تونس الشمالية، وسيكون مستقبلاً متاحاً لعشّاق بدايات السينما التونسية مشاهدة الأفلام القديمة بجودة عالية.