«مهرجان برلين» يسدل ستارته الـ 71: تجربة افتراضيّة غريبة ومفاجآت سارّة

انتهت الدورة الحادية والسبعون من «مهرجان برلين السينمائي الدولي» في جزئها الأول قبل أيام. للمرة الأولى في التاريخ، نشاهد الحدث العريق من غرف جلوسنا وغرف نومنا. تجربة غريبة وجديدة كان لا بدّ منها، بسبب الأوضاع الراهنة. ضياع خيّم على اليوم الأول من المشاهدة، فترتيب الأفلام التي أردنا مشاهدتها لم يكن سهلاً. نبدأ من الساعة التاسعة صباحاً حتى منتصف الليل، ونشاهد ما يقارب خمسة أو ستة أفلام كل يوم. في لبنان مثلاً، كنا نشاهد فيلماً عند التاسعة صباحاً، فيما يشاهدونه في الولايات المتحدة مثلاً بعد منتصف الليل، وجميعنا نشاهد في «الوقت نفسه» على الشاشة. الجميل الذي فعلته إدارة المهرجان هو تحديد وقت عرض الأفلام، بما يعني أنّه رغم أننا نشاهد من منازلنا وعلى شاشاتنا، إلا أنّنا أحسسنا أننا نشاهدها جميعاً في الوقت نفسه في الصالة. مثلاً، الفيلم الذي يبدأ الساعة التاسعة صباحاً، ينتهي البث المباشر له عند انتهائه. لا يمكن وقف البثّ وترك الشاشة والذهاب للأكل أو فعل شيء آخر. علينا أن نبقى نشاهد الفيلم حتى ينتهي، وإلا سينتهي وقت المشاهدة ويتوقّف البث. للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، كانت المسابقة الرسمية تضمّ أفلاماً (15 فيلماً أقل من المعتاد قليلاً) جميعها جيدة جداً، وبعضها ممتاز. لم تكن مليئة بالنجوم، بل حملت توقيع مجموعة من المخرجين المشهورين، بالإضافة إلى أسماء جديدة مبهرة. بالتأكيد، لم يكن الاختيار سهلاً بالنسبة إلى لجنة التحكيم التي تألّفت من المخرجين الإيراني محمد رسولوف، والرومانية أدينا بنتيلي، والهنغارية ألديكو إنييدي، والإيطالي جيانفرانكو روسّي، والبوسنية ياسميلا زبينيتش، والمخرج من كيان الاحتلال الإسرائيلي ناداڤ لابيد. جاءت النتائج كما كان متوقّعاً، مع بعض المفاجآت الصغيرة. جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم ذهبت ـ كما توقع كثيرون ـ إلى الروماني رادو جود وفيلمه Bad Luck Banging or Loony Porn. تماماً مثل اسمه، يثير الشريط الاهتمام من الدقيقة الأولى مع المشهد الجنسي الصريح (بورن)، ومن ثم يبدأ التناقض بين الحقيقة والخيال والصور واللغة والكوميديا والنقد الاجتماعي. جائزة لجنة التحكيم الكبرى ذهبت إلى الياباني ريوسوكي هاماغوشي عن «عجلة الحظ والفانتازيا» الذي يمكن اعتباره أفضل ما قُدم حتى الآن في مسيرته السينمائية. المفاجأة الأولى كانت في جائزة لجنة التحكيم التي ذهبت إلى «السيد باخمان وفصله» للألمانية ماريا سيبث. رغم أنّ الفيلم جيد جداً، إلا أنّ المخرج الجورجي ألكساندر كوبيرتزه الذي قدّم فيلمه الشاعري الفلسفي «ماذا نرى عندما ننظر إلى السماء» كان يستحقها أكثر. جائزة أفضل مخرج ذهبت باستحقاق إلى الهنغاري دينيس ناغي وفيلمه التاريخي «ضوء طبيعي»، الذي عرف كيف يتحكّم بإيقاعه، مع الزخم النفسي الشاق الذي يبثه، إذ قدم ناغي عاصفة رمزية وشاعرية وعاطفية كاملة. جائزة أفضل تمثيل جاءت محايدة جنسياً كما كان مقرّراً، لمارين إيغارت عن فيلم «أنا رجلك»، وأفضل أداء مساعد لييلا كيزلينغر عن فيلم «غابة – اراك في كل مكان»، وجائزة الدب الفضي للمساهمة الفنية لابران أسواد عن مونتاج فيلم «فيلم شرطي» الذي سنشاهده قريباً على نتفليكس. تحفة المخرجة الفرنسية سيلين سيامّا «أمي الصغيرة» خرجت خالية الوفاض، مع أنها كانت تستحق تتويجاً بكل جدارة. وفي مسابقة «لقاءات»، حصد «نحن» للسنغالية الفرنسية أليس ديوب جائزة أفضل فيلم. وللأسف، خرجت الأفلام العربية بخُفَّي حنين من جميع المسابقات رغم الحفاوة النقدية التي حظي بها بعضها، على أن نعود لاحقاً بالتفصيل إلى هذه المشاركات العربية واللبنانية، خصوصاً «دفاتر مايا» للثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج الذي أدخل لبنان إلى المسابقة الرسمية للمرة الأولى منذ 39 عاماً، أي منذ «بيروت اللقاء» لبرهان علوية

جائزة الدبّ الذهبي: رادو جود يُسقط القناع عن رومانيا المعاصرة

بسبب جرأته الشكلية ومحتواه المتفجّر، وروحه الاستفزازية والمتمردة، ونقده الحاد للمجتمع والدين والسياسة والصوابية السياسية والنفاق، فإنّ Bad Luck Banging or Loony Porn (الدب الذهبي لأفضل فيلم) للروماني...

شفيق طبارة

ريوسوكي هاماغوشي يدير «عجلة الحظّ والفانتازيا»

ريوسوكي هاماغوشي يدير «عجلة الحظّ والفانتازيا»

المخرج الياباني ريوسوكي هاماغوشي لديه شغف بالقضايا والقصص الذاتية الفلسفية التي تدور حول معنى الحب والأنانية والموت واللذة والرغبة الجنسية. في فيلم «أساكو 1 و2» (2018) قدّم قصة فتاة تقع في حب رجلين...

شفيق طبارة

مَن لا يحبّ السيد باخمان والمهاجرين الصغار؟

مَن لا يحبّ السيد باخمان والمهاجرين الصغار؟

«من الذي ما زال متعباً؟» يصدح صوت من أول الفصل. ذراعان ترتفعان بتكاسل. «حسناً، سوف ننام قليلاً بعد» كما لو كان الأمر عادياً في المدرسة. ثم تهبط الرؤوس مرة أخرى على الطاولات. إنه يوم عادي في صف «6 ب»...

شفيق طبارة

أليس ديوب في باريس:  من «نحن» حقاً؟

أليس ديوب في باريس: من «نحن» حقاً؟

بطريقتها الخاصة، تستعمل المخرجة السنغالية الفرنسية أليس ديوب كاميرتها، وبنيتها الواضحة بالاستجواب والمراقبة، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالتناقضات الشديدة بين الفرنسيين، القادمين من أصول استعمارية...

شفيق طبارة

«أمّي الصغيرة»... قصة عن الطفولة وأوجاعها

«أمّي الصغيرة»... قصة عن الطفولة وأوجاعها

مستويات قراءة فيلم مثل «أمي الصغيرة» الذي عُرض في «برلين» متعدّدة. كلها مختلفة وكاملة، وكل منها قادر على عكس مشاعر المشاهدة الثقيلة. بعد «بورتريه امرأة تحترق» (2019)، تعيدنا الفرنسية سيلين سيامّا في...

شفيق طبارة