حق الاقتراع مكفول لكل من لم تصدر بحقهم أحكام قضائية تجرّدهم من حقوقه المدنية والسياسية. وقد شهدت سجون لبنان ارتفاعاً في عدد الموقوفين مطلع عام 2022 بحسب وزارة الداخلية. لكن يبدو أن جزءاً كبيراً من هؤلاء سيحرمون من المشاركة في الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجرى في شهر أيار القادم.
(هيثم الموسوي)

فالمواطنون الموقوفون احتياطياً، والمحكومون الذين لم تجردهم المحكمة من حقوقهم المدنية لهم كامل الحق بالانتخاب حتى لو كانوا خلف القضبان. صحيح أن وزارة الداخلية لم تؤمن الترتيبات المطلوبة ليتمكنوا من ممارسة هذا الحق خلال الانتخابات السابقة، غير أن ذلك لا يعني إلغاء هذا الحق أو الاستمرار بتعليقه.
«يا ريت فينا ننتخب. هذا حقنا ونحن محرومين منه»، يشكو أحد الموقوفين في السجن المركزي في رومية ويقول «بدنا نوصل صوتنا وننتخب نائب يشملنا بحساباته وبيعتبرنا أولوية لأن الكل ناسينا».

المادة 7

«كل اللبنانيين سواء لدى القانون، وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم»


تنظيم انتخاب السجناء الموقوفين في لبنان، الذين يبلغ عددهم أكثر من 2500 شخص، ليس بالمهمة السهلة أو البسيطة على المستوى العملي والإداري والقانوني، إذ يفترض وضع أقلام اقتراع في داخل السجون والتأكد من سرّية الادلاء بالأصوات في مكان يفترض أن يكون مراقباً بالكامل. أضف الى ذلك تعقيدات تتعلق بتكليف الموظفين ورئيس القلم وتأمين الحق في وصول المندوبين والمراقبين، والتأكد من كافة الإجراءات الامنية. ولا شك أن هذه العملية مكلفة، وتستدعي تحضيرات كثيرة لا يمكن إنجازها خلال شهرين حتى لو توفرت الإرادة الحكومية بالسماح للموقوفين بالانتخاب. ولا شك أن أكثر ما يمكن أن يصعّب عملية انتخاب الموقوفين، هو أن نفوسهم مسجلة في محافظات وأقضية مختلفة، وبالتالي ينبغيعلى الهيئة المنظمة للانتخابات إحضار عدة أقلام الى السجن، قد يبلغ عددها العشرات، ويفترض أن يكلف رئيس قلم لكل منها. هذه العملية تتطلّب كذلك تأمين الآليات والحماية لنقل صناديق الاقتراع من السجون التي يزيد عددها عن 24 إلى مراكز الفرز في الدوائر المحددة. وبالتالي قد لا يقل عديد الموظفين المكلفين بهذه العملية عن المئات بينما تعاني الدولة من نقص حاد في تأمين الموارد البشرية اللازمة لتنظيم الانتخابات في أيار القادم.

بدنا نوصل صوتنا وننتخب نائب يشملنا بحساباته وبيعتبرنا أولوية لأن الكل ناسينا


لم يكن العديد من السجناء الموقوفين الذين تحدثوا الى «القوس» على علم بحقّهم المشاركة في الانتخابات. قال أحدهم «حتى لو حقنا بس ما عندي أمل نقدر نصير ننتخب وصراحة كنت متفاجئ إني بقدر صوّت أصلاً». وأضاف زميله باستهزاء «الطبابة والأكل والمشفى والمياه هيدي من حقوقنا وما عم يقدروا يأمنوهم وبدك يخلونا ننتخب؟». وقال محمد «بدنا نصوّت وما بتفرق معنا المرشح لأي حزب تابع وشو طائفته، بدنا ننتخبه لمساعدتنا ... ما في عنا شي». ويكرر سجناء موقوفون آخرون مطالبتهم بقانون للعفو العام. «الأولوية للعفو العام لأن في كثير مظلومين بس كمان بدنا تعديل القوانين والعقوبات، بدنا السنة السجنية تنحسب ستة أشهر بدل تسعة لمرة واحدة بس» يقول حسين. ويضيف سجين آخر محكوم بالسجن المؤبد: «بدنا تحديد مدة مرور الزمن للمؤبد عشرين سنة».
لن يشارك آلاف الموقوفين في الانتخابات هذا العام لكن هل يمكن أن تتعهد الدولة بوضع الإجراءات المطلوبة لمشاركتهم في الانتخابات القادمة، علماً أن عدد الموقوفين في السجون، وهم أبرياء حتى إدانتهم من قبل المحكمة، يوازي عدد المحكومين.