بعد تسريب الإعلام الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، أنباء عن استئناف التفاوض مع لبنان هذا الأسبوع حول ترسيم الحدود البحرية، بالتزامن مع زيارة يُفترض أن يقوم بها «الوسيط» الأميركي عاموس هوكشتين لبيروت، اكتفى الأخير بزيارة «إسرائيل» ولقاء وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار الأحد الماضي، قبل أن يقفل عائداً إلى بلاده.ورغم تأكيدات مصادر مطّلعة عن زيارة لهوكشتين إلى بيروت «الأسبوع المقبل»، علمت «الأخبار» أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا لم تتطرّق إلى ملف الترسيم في لقاءاتها أخيراً مع مسؤولين لبنانيين معنيّين بالملف، من بينهم قائد الجيش العماد جوزف عون، لكنها أجابت على من تقصّد سؤالها بأن «السفارة لم تتبلّغ بأيّ موعد للزيارة، ولا يوجد برنامج محدّد». كذلك تؤكّد أوساط الرؤساء الثلاثة أن أياً منهم لم يتلقَّ طلباً لتحديد موعد لهوكشتين من السفارة أو من الخارجية الأميركية. أوساط متابعة قالت إن «هوكشتين، ربما، ينتظر أن يتوحّد لبنان حول موقف واحد بشأن الترسيم، لا في ما يتعلق بالخطوط بل أيضاً بتقاسم الثروة وآلية توزيعها في المنطقة المتنازع عليها مع العدو»، فيما باتَ مؤكداً أن لا خلاف من الجانب اللبناني بشأن الخطوط، إذ إن أحداً من الرؤساء لا يتبنّى الخط 29، وهو ما أكده الوزير السابق الياس بو صعب لصحيفة «الشرق الأوسط»، أول من أمس، بالقول إن «شروط لبنان في الأساس كانت لتعزيز موقفه التفاوضي»، وإنه «لم يكن هناك قرار نهائي بشأن النقطة 29 ليكون هناك تراجع أو مراجعة».
وما يؤكّد أن صفحة الخط 29 قد طوِيت، هو ما كتبه السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة، إسحاق ليفانون، في صحيفة «إسرائيل اليوم»، بأن هوكشتين، سيزور هذا الأسبوع المنطقة «كي يجد حلاً لـ 860 كيلومتراً مربّعاً هي المساحة المتنازع عليها في البحر»، معتبراً أن استخراج الغاز في إطار تسوية مع إسرائيل «سيوفر حلاً مناسبا ولمدى بعيد لأزمة الطاقة في لبنان»، في إشارة إلى استغلال الأزمة والضغط على لبنان للقبول بالشروط الأميركية – الإسرائيلية.
ومع أن المعنيّين بالملف في لبنان يؤكدون أن لا تنازل عن الخط 23، ولا عودة إلى «خط هوف»، أكّد ليفانون أن «الحل الذي يحمله الوسيط الأميركي هو تلزيم شركة إنتاج غاز دولية باستخراج الغاز البحري من المساحة المتنازع عليها كلّها، وتوزيع الغاز على إسرائيل ولبنان وفقاً للتوزيع الذي قرّره الوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف، أي 55% للبنان و45% لإسرائيل»، ما يعني أن لبنان حتماً سيخسر جزءاً من المساحة التي تدخل ضمن نطاق منطقته. وهذا الحلّ سبقَ أن عرضه هوكشتين عام 2012، ثم أعيد إحياؤه عام 2017، فيما رفضه لبنان لأنه يتضمّن تعاوناً مع العدو، ولأن تقسيم الأرباح مستحيل تقنياً قبل الترسيم. فهل يقع لبنان هذه المرة، بحجّة الخروج من الأزمة المالية، في فخّ هوكشتين، ربطاً بما وصفه ليفانون بأنه «إنجاز سياسي مهم لإسرائيل»؟