طهران | أدلى الإيرانيون، أمس، بأصواتهم في الدورة الـ 14 للانتخابات الرئاسية، لاختيار الرئيس التاسع للجمهورية الإسلامية خلفاً للرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، في ظل دعوة القيادة الإيرانية إلى مشاركة شعبية كثيفة، علماً أن نسبة الإقبال في انتخابات عام 2021 الرئاسية بلغت 48%. وبدأ التصويت عند الثامنة صباحاً، ثم جرى تمديده إلى ما بعد موعد إغلاق الصناديق عند السادسة مساء، عدة مرات، حتى منتصف الليل، بسبب الإقبال على التصويت. وقد دُعي نحو 61 مليون ناخب للتوّجه إلى صناديق الاقتراع الموزّعة على 58 ألفاً و640 مركزاً انتخابياً داخل إیران، و340 مركزاً في خارجها في أكثر من 95 دولة. وشارك مواليد 29 حزيران 2006 في هذه الانتخابات، بحسب ما أعلن أمين لجنة الانتخابات في إیران والمتحدث باسمها، محسن إسلامي.وبحسب الدستور، يُنتخب رئیس الجمهوریة في إيران لمدة 4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة. لكن هذه الانتخابات أُجريت قبل نحو عام من الموعد الدستوري، بسبب وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرة عمودية في 19 أيار الماضي، وذلك عملاً بالدستور الذي يقضي في هذه الحالة بأن يُنتخب خلف للرئيس المتوفّى في غضون 50 يوماً من شغور المنصب. ویتنافس في الدورة الحالية 4 مرشحين، هم: مسعود بزشكيان، سعيد جليلي، محمد باقر قاليباف ومصطفى بور محمدي، فيما انسحب المرشّحان: علي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زادة هاشمي، من السباق قبل موعد التصويت.
وبدأت عملية فرز الأصوات فور انتهاء التصويت، ومن المتوقع أن تُعلن النتائج النهائية بحلول مساء اليوم. ويجب أن يحصل المرشح الفائز على 50%+1 من الأصوات ليتم انتخابه في الجولة الأولى، وإن لم يحصل أي مرشح على هذه النسبة، تجري جولة إعادة يوم الجمعة المقبل، بين المرشحَيْن الفائزَيْن بأعلى الأصوات. وبعد إدلائه بصوته، قال المرشد الأعلی، علي الخامنئي، إنّ «المشاركة الكبيرة للشعب الإیراني في الانتخابات مطلوبة لإثبات صحة وسلامة الجمهورية الإسلامية»، مشدداً على أنّ «عزّة البلاد وماء وجهها يتوقّفان على حضور الشعب». وأضاف أن «يوم الانتخابات هو يوم فرح وسعادة لنا نحن الإيرانيين، وخاصة عندما تكون الانتخابات لاختيار الرئيس. فمستقبل البلاد سيتحدّد من خلال اختيار الشعب». وكان الخامنئي قد شدد، في 25 حزيران الجاري، على «وجوب انتخاب من يتبع أسس الثورة الإسلامية ونهجها»، وذلك لدى تناوله المواصفات التي ينبغي أن تتوفّر في الرئيس الجديد، علماً أنه بحسب الدستور، فإن رئیس الجمهوریة هو الشخص الثاني في البلاد بعد المرشد الأعلی، الذي تقع المسؤولية الأولى في الحكم عليه، فيما الرئيس مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد. ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، من جهته، التصريحات الأخیرة لمساعد الممثل الأميركي الخاص بشؤون إيران، أبراهام بيلي، الذي شكك في نزاهة الانتخابات الرئاسية في إيران، ووصف هذه التصریحات بأنها «عديمة القيمة»، مؤكداً أن الشعب الإيراني يردّ على هذا «التدخل عبر حضوره الفاعل والحماسي إلى صناديق الاقتراع».
وبدأت الحملات الانتخابية في 10 حزيران، واستمرت حتى الأربعاء الماضي، فيما أدى حضور المرشحين في تجمعات انتخابية كبيرة في مدن مختلف، إلى تدفئة الأجواء السياسية، کما أجريت خمس مناظرات تلفزیونیة بين المرشحين حظيت بتغطية واسعة. وكانت المنافسة الأساسية في هذه الانتخابات بين المرشح الإصلاحي مسعود بزشکیان من جهة، ومرشحي التيار الأصولي: سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف من جهة أخرى، فیما شكلت قضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية أهم القضايا التي أثيرت في الحملات. واتهم الإصلاحيون الأصوليين بأنهم على رغم سيطرتهم على الحكومة والبرلمان طوال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الوضع الاقتصادي أصبح أسوأ من ذي قبل، حيث وصل معدل التضخم إلى نحو 50%، وانخفضت قيمة العملة الوطنية. كما اتهموا الحكومة بعدم الكفاءة في مجال الديبلوماسية، لأنها، من وجهة نظرهم، فشلت في إحياء الاتفاق النووي.
لكن الأصوليين حذّروا من أن بزشکیان يسعی إلى تشكيل «حكومة ثالثة لحسن روحاني» في إشارة إلى وجود بعض وزراء حكومة روحاني، وبينهم وزير خارجيته محمد جواد ظريف، في مقر الحملة الانتخابية لبزشکیان؛ واتهموا الإصلاحيين بالتفاؤل بالغرب وإهمال القدرات الداخلية. وبالنظر إلى احتمال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، يقول الأصوليون إنه يجب أن يكون هناك رئيس «قوي» في إيران قادر على الوقوف في وجه ضغوط ترامب. وخلال المناظرات، انتقد جليلي التوقیع علی الاتفاق النووي مع القوى العظمى عام 2015، حيث «لم يفد إيران إطلاقاً» حسب تعبیره. ورداً عليه، سأل بزشكيان: «هل يُفترض أن نكون معادين لأميركا إلى الأبد، أم أنّنا نطمح إلى حلّ مشاكلنا مع هذا البلد؟»، داعياً إلى إحياء الاتفاق النووي من أجل رفع العقوبات الصارمة التي ينوء تحتها الاقتصاد الإيراني.