أدارت واشنطن لعبة العداء بين أنقرة و«قسد» بما يضمن إبقاء خيوط اللعبة في قبضتها
وترى تقديرات تركيّة للوضع في «شرق الفرات» أنّ الأميركيين «لن يمانعوا الوصول إلى تسويةٍ ما، في نهاية المطاف». في الوقت نفسه تستبعد التقديرات معارضة موسكو أيّ خطوة من هذا النوع، لا سيّما أنّها «تستند إلى شرعيّة تتيحها ملاحق اتفاقيّة أضنة المبرمة مع دمشق». وتضع أنقرة في جملة خياراتها احتمال القبول بـ«منطقة منزوعة السلاح» داخل الأراضي السورية على طول الحدود بصورة تستحضر اتفاق «سوتشي» الخاص بإدلب. على أنّ استنساخ هذا السيناريو في شكل «شرعي» لا يبدو أمراً متاحاً في ظل انعدام فُرص وجود تفويض سوري لواشنطن، على غرار التفويض الذي تتسلّح به موسكو. ويقول مصدر سوري بارز لـ«الأخبار» إنّ «الوضع في تلك المناطق غير شرعيّ برمّته، فالقوات الأميركية هي قوّات احتلال، والقوّات المحليّة المتعاونة معها هي أدوات، والقوّات التركيّة قوّات غزو واحتلال بدورها». لا يُبدي المصدر أيّ قلق في ما يتعلّق بـ«مستقبل الجغرافيا السوريّة»، ويؤكّد أنّ «العلم السوري سيعود إلى كلّ شبر سوري في نهاية المطاف، وعلى كلّ من يشكّك بهذه النتيجة أن ينظر إلى الخريطة كيف كانت قبل عامين وكيف أصبحت اليوم».
«قسد»: ثقة حذرة
تحضر في كلام الناطق الرسمي باسم «قسد» كينو غابرييل ثقة حذرةٌ لدى الدخول في التفاصيل. يؤكد لـ«الأخبار» أنّ مقاربة التهديدات التركيّة لا يجب أن تتم من خلال تقييم مدى جديّة الأتراك، لأنّ الأساس «هو الصفقات والتفاوضات التي تحصل بين القوى العالمية والإقليميّة. وقد رأينا سابقاً كيف تم استبدال الغوطة بمنطقة عفرين، وقبلها مناطق من حمص وغيرها بمناطق جرابلس والباب، بصفقات بين روسيا وتركيا». يستبعد الناطق قيام «الولايات المتحدة بصفقات مماثلة، لأن قوات سوريا الديموقراطية أثبتت أنها القوة الفعالة الوحيدة في مواجهة إرهاب داعش، فيما فشل ما يسمى الجيش الحر الذي تبنّته تركيا». يضع غابرييل التصعيد التركي في سياق «محاولات لتغطية المشكلات والتناقضات الداخلية التي تعيشها، وقد حصل أمر مماثل بعد الانقلاب التركي الفاشل». نُذكّر الناطق بتصريحات مشابهة سبق أن صدرت عن «قسد» عشيّة الغزو التركي لعفرين، ونسأل: «هل تعولون فقط على أن الأميركيين مختلفون». يتحفّظ عن الخوض في مقارنات بين واشنطن وموسكو، ويضع ذلك في إطار «المهاترات» غير المجدية. يقول: «كل الظروف مختلفة بين المنطقتين وبين المرحلتين»، ويضيف: «نحن نستبعد حصول هجوم فعلي، ولكن هذا لا يعني أنه مستحيل، ولا يعني أننا غير مستعدين وأننا لن نقوم بالدفاع عن شعبنا وأرضنا بكل ما لدينا من قوة وإمكانيات كما فعلنا في عفرين، والنتيجة ستكون رهناً بالمعارك ومجرياتها، إن حصلت».
فلتزوّدنا الدولة السوريّة بدفاع جوي
في إطار إجاباته عن أسئلتنا، يبدو لافتاً حرص «الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطيّة» رياض درار على استخدام توصيفي «الدولة السوريّة»، و«الحكومة السوريّة» مرّات عدّة. يشير إلى أنّ «تحضيراتنا مستمرّة للدفاع عن مناطقنا. وقد بدأت قوات التحالف بالرد على التهديدات من خلال مشاركتها في دوريات على الحدود مع قوات سوريا الديموقراطية، وهذا بداية نظرة جديدة للمنطقة». ويؤكد وجوب «عدم التسرع في الحكم على النتائج». يقول: «طالبنا الدولة السورية بتحمل مسؤولياتها من قبل في عفرين واليوم في هذه المناطق»، ويضيف: «من مسؤوليات الدولة السورية مساعدة قوات سوريا الديموقراطية في الدفاع عن المناطق، وتزويدها بالوسائل الدفاعية وبخاصة وسائل الدفاع الجوي في حال بدأت تحضيرات معارك حقيقية». يرى أنّ هذا الأمر في حال حدوثه سيعني «إشارات إيجابية لاستمرار التفاوض بيننا وبين الحكومة السورية من أجل مزيد من التقدم في التفاهمات حول المنطقة وباتجاه الحل السياسي النهائي». ويوضح أنّ المحادثات مع دمشق «توقّفت بعد اللقاء الثاني، ولكننا ما زلنا راغبين باستمراره في شكل هادئ وعبر لجان صغيرة من أجل فتح باب لحل المشكلات الآنية وفتح باب آخر لتفاهمات حول الملف الخدمي». يختم درار متمنيّاً وجود «سعي جاد من قبل الحكومة، لا على أساس الفرض والإخضاع، وإنما على أساس التفاهمات لأن هناك رغبة شديدة من قبل مجلس سوريا الديموقراطية ومن يمثّلهم في الوصول إلى حل إيجابي».