قد تكون الأنظار مشدودة إلى نهائيات كأس أوروبا لكرة القدم أكثر منها إلى كوبا أميركا بحكم سمعة المنتخبات الأوروبية التي تتنافس في البطولة الأولى، لكن الأكيد أن هناك أمراً أساسياً يرتبط بالبطولة الثانية ويفترض التوقف عنده بشكلٍ كبير، وهو يرتبط بالنجوم الكبار الذين يشاركون فيها، إذ لكلّ واحدٍ منهم هدف مختلف، سيرفع من دون شك مستوى التحدي ضمن مساعي أقوى المنافسين على اللقب العتيد.
سيخوض نجومٌ كبار كوبا أميركا للمرة الأخيرة (أ ف ب)

الأبرز طبعاً على هذا الصعيد هو المنتخب الأرجنتيني، لا لأنه يدخل إلى البطولة كحاملٍ للقب أو لأنه تُوّج بكأس العالم الأخيرة، بل إن المسألة الأساسية ترتبط بنجمه الأول ليونيل ميسي الذي سيؤدي «الرقصة الأخيرة» مع بلاد «التانغو»، آملاً أن تكون مشاركته الختامية، بحسب ما هو متوقّع، في البطولة القارية على شاكلة آخر مشاركتين له في البطولات الكبرى.
أضف أن ضجة جماهيرية إضافية تحيط بالنجم الأسطوري، فهو يخوض كوبا أميركا في الولايات المتحدة الأميركية، حاملاً مسؤوليةً كبيرة، فهذه البلاد استقدمته أصلاً إلى ربوعها من أجل تغيير وجه كرة القدم فيها، وبالتالي فإن أي إنجازٍ للأرجنتين سيحمل معه نجاحاً للدولة المضيفة أيضاً كونه سيشدّ الأنظار إليها من خلال ميسي ورفاقه.

الردّ على الانتقادات
أحد هؤلاء الرفاق هو أنخيل دي ماريا الذي وصل أيضاً إلى نهاية المشوار مع«الألبيسيليستي»، وهو حال العديد من النجوم البارزين في المنتخبات الأخرى الذين سيؤدون رقصتهم الأخيرة الخاصة، متطلّعين إلى أهدافٍ استثنائية، ولو أنهم سجّلوا تراجعاً في المستوى في الآونة الأخيرة، وبات مستواهم مختلفاً عن ذاك الذي حملهم إلى المجد في كوبا أميركا تحديداً.
وقد يكون النجم التشيلياني أليكسيس سانشيز على رأس هؤلاء، فهذا اللاعب الذي دافع عن ألوان مجموعةٍ من أبرز الأندية الأوروبية سبق له الفوز بلقب كوبا أميركا مرتين متتاليتين عامي 2015 و2016، لكن الشكوك حامت حول جدوى الاستمرار باستدعائه الى تشكيلة منتخب بلاده إثر تراجع مستواه وتقدّمه في السن، وحول الإفادة من وجوده في تشكيلة «لا روخا».
أسبابٌ استثنائية مختلفة يحملها أبرز النجوم معهم إلى كوبا أميركا


الجواب يريد أن يعطيه أليكسيس الذي لا يزال مصرّاً على تقديم أفضل ما لديه من أجل إثبات العكس لكل المنتقدين. والأمر عينه ينطبق على حالة الكولومبي خاميس رودريغيز الذي كان أحد نجوم كأس العالم 2014 مع كولومبيا، لكن سرعان ما تدهورت مسيرته بعدما كان لاعباً لفريقين عريقين مثل ريال مدريد الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني، فأتمّ انتقالات غير ناجحة بين إنكلترا، اليونان، قطر والبرازيل.
هو بدا مصرّاً منذ المباراة الأولى لـ«لوس كافيتيروس» على إثبات أن لديه شيئاً ليقدّمه، بعدما علت الكثير من الانتقادات إثر استدعائه، فتمّ اختياره «رجل المباراة» في اللقاء الأول لبلاده أمام الباراغواي (2-1) بعدما قدّم تمريرتين حاسمتين أسفرتا عن هدفي الفوز.

فينيسيوس للكرة الذهبية
وفي وقتٍ ترتبط فيه أسباب عودة نجم الأوروغواي لويس سواريز بمحاولة فكّ بلاده الارتباط مع الأرجنتين في عدد الألقاب القياسية (15 لقباً لكلٍّ منما)، وهي ستكون مهمته الأساسية فنياً ومعنوياً ضمن المجموعة، لا شك في أن ضغوطاً كبيرة تحيط بمعسكر المنتخب البرازيلي، وهي ليست ناتجة بالطبع عن تعثره باكراً بتعادله سلباً مع كوستاريكا في مباراته الأولى.
هذه الضغوط أطلّت مع هبوط طائرة «السيليساو» في الولايات المتحدة، وهبطت على نجمٍ واحدٍ قبل أي أحدٍ آخر، وهو فينيسيوس جونيور المطالب بتقديم أداءٍ مشابه لذاك الذي حمل من خلاله ناديه ريال مدريد إلى لقبَي الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا خلال الموسم المنتهي.
الواقع أن فينيسيوس يريد هذه الكأس الأميركية لأنها ستعزّز فرصه للفوز بجائزة أفضل لاعبٍ في العالم أو جائزة الكرة الذهبية، لكن عليه أوّلاً أن يرتقي إلى مستوى التوقعات بحيث تريده البرازيل أن يكون القائد الفعلي لانتصاراتٍ لا تنتهي، وهي التي انتظرت هذا الأمر من نيمار دا سليفا الذي خيّب الآمال ولم يتمكن من حملها إلى المجد المطلق.
لهذه الغاية يلعب «فيني» كما هو حال زميله رودريغو وكل زملائه الآخرين الذين يتألقون مع أنديتهم أينما وُجدوا، لكنهم لم يستطيعوا إنقاذ منتخب بلادهم في كأس العالم الماضية ولم يتمكنوا من حمله إلى الفوز باللقب القاري في النسخة الماضية.