استقبل الجزائريون رمضان 2012 بثلاث قنوات تلفزيونية خاصة جديدة، وبجملة وعود أطلقها وزير الإعلام ناصر مهل بتحسين أداء القناة الرسمية بعد جملته الشهيرة التي تلفظ بها قبل سنتين: «معذرة على رداءة التلفزيون!». لكن المتتبع لما حملته أهم المسلسلات والبرامج التي تعرض في وقت الذروة، أي مباشرة بعد الإفطار، يكتشف أنّها جاءت تكريساً للأسماء نفسها، وللنوع ذاته: الكوميديا!
راهنت قناة «الشروق» على سلسلة «عمارة الحاج لخضر» في جزئها الثالث، بعد عرض الجزءين السابقين على القناة الوطنية. يعود الكوميدي لخضر بوخرص في السلسلة نفسها بطلاً وحيداً تطغى صورته على بقية الممثلين الآخرين، فهو الحاضر تقريباً في جميع المشاهد، من دون منافسة بطابعه البدوي، يحاول بوخرص أن يعكس صورة شريحة من الجزائريين من خلال التركيز على سلوكيات حضارية، وإسراف أحياناً في إبراز الروح الوطنية. سيناريو السلسلة جاء مشابهاً لما عرفه الجمهور في جزءي المسلسل السابقين، مع تغيير فقط في الديكور وإلغاء لدور الممثلة ليندة ياسمين التي رفضت معاودة تجربتها مع لخضر بوخرص. هذا الأخير واصل احتكاره «البرايم تايم» على «الشروق» في النصف الثاني من رمضان، مع سلسلة ثانية بعنوان «هموم الناس» التي تجمع بعض وجوه «عمارة الحاج لخضر». كذلك تحاول القناة نفسها استقطاب المشاهدين بمسلسل كوميدي آخر يحمل عنوان «الزهر مكانش» (لا حظ لي). إنه نسخة معدلة من سلسلة «عايزة اتجوز»، وتؤدي بطولته مينة لشطر، بعدما حققت حضوراً مميزاً في السنتين الماضيتين عبر أدائها دور البطولة في مسلسل «ساعد القط». «الزهر مكانش» حمل صبغة شبابية واستقطب بعض الاهتمام رغم التشابه الواضح بينه وبين المسلسل المصري. من جهتها، بدت قناة «الجزائرية» غير مهيّئة تماماً لضبط برامجها على إيقاع شهر الصوم. قدمت المحطة مسلسل «جرنان القوسطو» الذي يجتمع فيه معظم الكوميديين الذين شاركوا في برنامج «قهوة القوسطو»، مثل أمين بومدين وكمال عبدات... وهو مقتبس من سلسلة les Guignols de l’Info التي تعرض على «كنال +» الفرنسية.
أما قناة «النهار»، فأدرجت ضمن برامجها «كاميرا خفية»، حيث نصبت فخاخها لبعض الشخصيات الرياضية والسياسية المعروفة، إضافة الى مونولوج «الدار داركم» الذي يعتبر التجربة الأولى للممثل الشاب فتحي البخاري الذي لم يقنع المشاهدين بما فيه الكفاية.
وسط حالة التنافس التي تشهدها القنوات الثلاث الخاصة، يحاول التلفزيون الرسمي الحفاظ على موقعه في رمضان. الإدارة الجديدة التي لم يمر على تعيينها أكثر من ثلاثة أشهر، حاولت استمالة المتفرج بسيت كوم «عمي عاشور» ومسلسل «خالتي لالاهم» اللذين أظهرا تذبذباً في السيناريو وارتجاليةً في الحوارات، إضافة إلى مسلسل «قهوة ميمون» لجعفر قاسم الذي اشتهر في السنوات العشر الماضية بسيت كوم «ناس ملاح سيتي» ثم «جمعي فاميلي»، وأخيراً الكاميرا الخفية «أش أداني؟».
المميز في برمجة رمضان 2012 الكوميدية في الجزائر هو بروز بعض الوجوه الشبابية، وانتقال بعض الممثلين من السينما إلى التلفزيون، مثل عديلة بن ديمراد ونبيل عسلي اللذين أديا دور البطولة في فيلمي مرزاق علواش الأخيرين. انفتاح الإعلام المرئي في الجزائر بعد نصف قرن من الغلق والتقييد، قد يسهم إيجاباً في تصفية المشهد التلفزيوني وتقديم الأفضل في المستقبل.