تونس | لم يكن أحد من الفنانين التونسيين الذين قاوموا ديكتاتورية النظام السابق يعتقدون أنّهم سيعودون الى المربع القديم بعد عام ونصف العام على الثورة. هذا هو الشعور السائد اليوم في أوساط الفنانين الذين أصبحوا كبش فداء للتجاذب السياسي كما قالت الممثلة والمسرحية جليلة بكار (الصورة) أمس خلال المؤتمر الذي عقدته مع «نقابة مهن الفنون التشكيلية» في قاعة «مونديال»، إثر التهديدات الصريحة بالتصفية الجسدية التي طاولت الفنانين. قالت جليلة بكار إنّ هناك عملية استهداف ممنهجة للفنانين بغية خلق حالة من الفراغ والتصحر، مذكّرةً بالاعتداءات المتكررة التي طاولت الفنانين وآخرها ما حدث في «قصر العبدلية» منذ أيام في ضاحية المرسى. جليلة بكار التي كانت تتحدث بألم عما بلغته حال الحريات من تدهور، قالت إنّ الفنانين كانوا في عهد بن علي يعانون من القمع السياسي، وهم اليوم يعانون من الشيء نفسه، لكن بصيغ أخرى، أي تغليف المنع السياسي بغلاف ديني وأخلاقي لتأليب الشارع ضد الفن والفنانين، حتى تبدو مصادرة حرياتهم مطلباً شعبياً.

وأكدت بكار المعروفة بمواقفها الجريئة ودفاعها المستميت عن الحريات أنّ الفنانين التونسيين لن يصمتوا كما لم يفعلوا قبلاً، وطالبت الفنانين بالدفاع عن تضمين الدستور مبدأ أساسياً، وهو حرية التفكير والتعبير والإبداع. وأشارت إلى أنّ الحديث عن «المقدسات» مصطلح يراد به باطل لتهييج الشارع. واعتبرت أنّ الفن لا يمكن قراءته قراءة سياسية أو دينية، وأنّ من حق الفنان أن يحلم ويفكّر.
وفي السياق ذاته، قدّم نقيب مهن الفنون التشكيلية عمر الغدامسي سرداً تفصيلياً لتطور الأحداث إثر الهجمة السلفية على «العبدلية» والمعرض الذي احتضنه، محمّلاً وزير الثقافة المهدي مبروك مسؤولية ما حدث بعدما تبرّأ من الفنانين وأعلن عن مقاضاة الجمعية المنظمة وفتح الباب لتبرير العدوان على الفنانين. وقال الغدامسي إنّ النقابة ومجموعة من الأدباء والفنانين والناشطين رفعوا دعوى قضائية ضد ثلاثة وزراء وهم: الداخلية (علي العريض) والثقافة (المهدي مبروك) والشؤون الدينية (نورالدين
الخادمي).