«سفرني على أيّا بلد، وتركني وانساني، بالبحر ارميني ولا تسأل ما عندي طريق تاني». هكذا تقول كلمات تتر «ضبّوا الشناتي»، أو كما يحلو لبعضهم تسميته بـ«نشيد الرحيل» (تأليف وموسيقى إياد الريماوي، وبصوت كارمن توكمه جي). أغنيةٌ تتردد اليوم على ألسنة السوريين، تشد أوتار خيبتهم، وتختزل يأسهم مما آلت إليه الأوضاع بسبب الحرب، وتقزّم طموحاتهم إلى «حقيبة» خلف الباب في انتظار حلم الرحيل الذي يداعب مخيّلة كثيرين.
في الحلقات المقبلة، سيتحول أبناء عائلة
«فيحاء وخليل» إلى مستأجرين في منزلهم
هذا الحلم بالنسبة إلى البعض، أو الخيار المر بالنسبة إلى آخرين، هو ما تدور حوله أحداث «الحقائب/ ضبّوا الشناتي». ومنذ حلقته الأولى، استطاع المسلسل حجز مكانته بين أكثر الأعمال جماهيريةً (على قلتها هذا العام) لدى المشاهد السوري. يروي العمل يوميات عائلة سوريّة تعيش في دمشق وسط الحرب، يطرح أحد أبنائها خيار الهجرة، بناء على معلومات عن وجود دول تستقبل اللاجئين السوريين. تقاوم الأم هذا الخيار، وتضع شرطاً تراه تعجيزياً، هو أن يوافق الكل على السفر. لكن هذا الشرط يتحقق بسرعة لم تتخيلها، فأبناء العائلة الذين تتباين مواقفهم مما يجري في البلاد، يتفقون في ما بينهم على خيار الرحيل. وهنا تبدأ المفارقات الكوميدية. تتعرض العائلة لما لم يخطر في بال أحد إلا السوريين الذين يعيشون تفاصيل هذه الحرب ويعرفونها جيداً، من خطف واعتقال واحتيال وسرقة. حتى هم أنفسهم يمارسون الخطف ويتسولون ويبيعون ممتلكاتهم. لكن كل تلك الأموال تذهب بين فدياتٍ للخاطفين ورشاوى والبقيةّ القليلة منها تسرق، فيلجأون أخيراً إلى بيع كِلَاهم، ليصبحوا خمسة رجال بلا كلى، والمهم في النهاية تأمين مصاريف الهجرة، وعينهم على بحر بيروت.
يرى السوريون أنفسهم في مرآة هذا المسلسل ويسمعون صدى مناكفاتهم على لسان شخصيّات ممدوح حمادة، ويضحكون على «كوميديا» الحرب المجنونة التي يصنعون أحداثها على أرض الواقع في مفارقةٍ غريبة. تتعاون الأطراف المتناحرة على ابتكار الحلول للرحيل عن هذا البلد الذي أصبحت الحياة فيه مستحيلة، بسبب تناحرهم.
في الحلقات المقبلة، سيتحول أبناء عائلة «فيحاء وخليل» إلى مستأجرين في منزلهم، وسيكونون مجبرين على دفع أجرة المفروشات، وربما سيضطرون لـ«النزوح الداخلي».
«ضبوا الشناتي»:18:00 على «تلاقي» و18:15 على «سما»، و19:00 على LDC، و23:30 على osn