توفي الفيزيائي والفلكي البريطاني ستيفن هوكينغ، صباح اليوم، عن عمر يناهز 76 عاماً في منزله الكائن في مدينة كامبريدج، وفق ما جاء في بيان صادر عن عائلته.أبناء الراحل الثلاثة، وهم لوسي وروبرت وتيم، أكدوا في البيان أن عمل وإرث والدهم، الذي «كان عالماً عظيماً ورجلاً استثنائياً»، «سيعيش لسنوات طويلة».
هوكينغ، الذي كان يعاني من مرض التصلّب الجانبي الضموري (العصبون الحركي)، منذ أن كان في الواحد والعشرين من عمره، اشتهر بدراساته الشاملة عن فيزياء الكوانتم والثقوب السوداء في الفضاء، وتُرجمت إلى أكثر من 40 لغة.
زملاؤه العلماء أشادوا بعمله وتأثيره في هذا المجال؛ إذ غرّد عالم الفيزياء الفلكية، نيل دي غراس تايسون، قائلاً إن «وفاته تركت ما يُشبه الفراغ الذهني (...)»، فيما قال لورنس كراوس، عالم الفيزياء النظرية وعلم الكون: «لقد خرج نجم من الكون. فقدنا إنساناً مذهلاً».


نشأته
وُلد ستيفن هوكينغ في الثامن من كانون الثاني/يناير عام 1942 في مدينة أكسفورد. كان والده، أخصائي الأحياء المتقاعد، قد انتقل مع زوجته للإقامة فيها من لندن، هرباً من الغارات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية.
لذا، نشأ هوكينغ في لندن، وبعدما حصل على درجة أكاديمية في الفيزياء من جامعة «أكسفورد»، انتقل إلى جامعة «كامبردج» لإكمال دراسته في علم الكونيات (الكوزمولوجيا). حين كان في سن المراهقة، أحبّ ركوب الخيل والتجديف. لكنه شُخّص بالإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري أثناء دراسته في «كامبريج»، ليصبح مع الوقت مشلولاً بشكل شبه كلي.
حياته
حين كان يستعد للزواج لأول مرة في عام 1964، قدّر الأطباء أنه سيعيش سنتين أو ثلاث سنوات بحد أقصى. لكن المرض تقدّم بشكلٍ أبطأ من المتوقع. في المرة الأولى، تزوّج من جين وايلد عندما كان ما زال طالباً في الدراسات العليا، وأنجبا معاً ثلاثة أبناء. بقي الثنائي معاً لثلاثين عاماً، قبل الطلاق في عام 1995. ومن ثم تزوج هوكينغ، مرة ثانية، من إيلين مايسون لمدة 11 عاماً، وهي إحدى ممرّضاته السابقات.

التصلب الجانبي الضموري

يعرف باسم مرض «لو غريغ»، وهو مرض عصبي انتكاسي يصيب الخلايا العصبية الحركية لدى الشخص البالغ، وعادةً ما يكون مميتاً في غضون بضع سنوات. عام 1963، شُخّص هوكينغ بالمرض عندما كان يبلغ من العمر 21 عاماً، وكان الأطباء في البداية قد اعتقدوا بأنه سيعيش لسنوات عدة فقط. وقد تسبب له بالشلل وجعله لا يستطيع التكلم إلا بواسطة جهاز كومبيوتر بصوت اصطناعي تحوّل إلى سمة مميزة له.


إنجازاته العلمية
قام هوكينغ بتأليف العديد من الكتب، لعلّ أبرزها كتاب A Brief History of Time، الذي بيع منه أكثر من عشرة ملايين نسخة في العالم.
مع زميله الفيزيائي روجر بنروز، دمج هوكينغ نظرية أينشتاين للنسبية مع النظرية الكوانتية، للإشارة إلى أن المكان والزمان يبدآن بالانفجار الكبير وينتهيان في الثقوب السوداء. واكتشف هوكينغ، أيضاً، أن الثقوب السوداء ليست سوداء تماماً، ولكن تنبعث منها إشعاعات، ومن المرجّح أن تتبخر وتختفي في النهاية.
في «كامبردج»، شغل هوكينغ منصب أستاذ لوكاسي للرياضيات (لقب أستاذية الرياضيات الذي تأسس عام 1663 على يد هنري لوكاس، الذي كان عضو البرلمان عن جامعة كامبريدج بين العامين 1639 و1640). ويُعدّ المنصب من أرقى المناصب الأكاديمية في العالم، ومن أشهر شاغلي الكرسي إسحاق نيوتن، تشارلز بابيج وبول ديراك. فاز هوكينغ بما لا يقل عن 12 درجة فخرية، ووسام الفروسية برتبة قائد. وفي عام 2009، حصل على وسام الحرية الرئاسي، وهي أعلى جائزة تُمنح لمدني في الولايات المتحدة.
يُذكر أن قصة حياة هوكينغ كانت موضوع فيلم «نظرية كل شيء»، The Theory of Everything، الذي طُرح للعرض في عام 2014، ولعب فيه دور البطولة الممثل إيدي ريماين.

موقفه من القضية الفلسطينية
عام 2013، تراجع هوكينغ عن المشاركة في مؤتمر علمي يرعاه رئيس كيان الاحتلال السابق شيمون بيريز في مدينة القدس، في خطوة اعتبرها مسؤولون إسرائيليون مقاطعة للدولة العبرية تضامناً مع الفلسطينيين.
وفيما عزت جامعة «كامبريدج»، في حينه، قراره إلى «أسباب شخصية»، رحبت اللجنة البريطانية من أجل الجامعات الفلسطينية بقراره الذي اتخذ «بناءً على معرفته بفلسطين، وعلى النصيحة التي قدمها إليه زملاؤه الأكاديميون في فلسطين بالإجماع»، وفق بيان اللجنة.
يذكر أن هوكينغ زار الأراضي المحتلة أربع مرات، كان آخرها عام 2006، بدعوة من السفارة البريطانية في تل أبيب، حيث التقى طلاباً إسرائيليين وفلسطينيين؛ إلا أنه امتنع بعد ذلك عن الزيارة، وأبدى ميولاً لصالح القضية الفلسطينية، مكرراً التحذير في أكثر من مناسبة من وقوع «كارثة» جراء استمرار إسرائيل في سياساتها تجاه الفلسطينيين.