ليال حدادمنذ أسابيع، عاد إلى الواجهة الخلاف بين إذاعة «صوت لبنان» وحزب «الكتائب». بوادر التصعيد ظهرت إلى العلن حين امتنعت الإذاعة عن بثّ تصريحات نواب «الكتائب» في نشراتها الإخبارية، وخصوصاً الكلمة التي ألقاها النائب سامي الجميّل في المجلس النيابي. وبلغ الخلاف ذروته حين أرسلَ الحزب الأسبوع الماضي مسلَّحَين إلى مبنى الإذاعة في الأشرفية (بيروت) بهدف حراسته ومنع تهريب الأرشيف. وحين استدعت إدارة الإذاعة القوى الأمنية لإيقاف المسلّحَين، تبيّن أنّهما يملكان رخصاً قانونية لحمل السلاح «كما أنّ المبنى هو مركز حزبي، بما أنّه لا يزال ملكاً لـ«الكتائب»»، يقول مصدر من داخل الحزب لـ«الأخبار».
خلاف بين حزب «الكتائب» وإدارة الإذاعة لا سيّما وردة الزامل
الخلاف بين إدارة الإذاعة وحزب «الكتائب» يعود إلى سنوات. في أكثر من مناسبة، أعرب الحزب عن رغبته باستعادة المحطة الإذاعية التي أسّسها عام 1975، عشية الحرب الأهلية، كي تكون ذراعه الإعلامية. لكن حين غادر أمين الجميّل لبنان في أواخر الثمانينيات، تغيّر الوضع. يشرح المصدر ذاته «منذ 1990، كانت القيادة الحقيقية للحزب خارج البلاد، وقد استغلّت ذلك الأجهزة الأمنية التي كانت موجودة في لبنان، لتهيمن على مؤسسات الحزب». ويتّهم المصدر القيادة التي استلمت الحزب بعد الحرب، بالتصرّف بممتلكات «الكتائب» بطريقة غير قانونية «وتنازلت عن حصص في الإذاعة لمصلحة الراحل سيمون الخازن الذي ترأس مجلس إدارة الإذاعة».
ولعلّ ما زاد من مأزق «الكتائب» منذ عودة أمين الجميّل إلى لبنان، هو حجم المال الذي استدانته الإدارة من بنك «البحر المتوسّط» (التابع لآل الحريري)، من دون تسديد أي جزء منه، فيما «الحزب لا يملك المال، وخصوصاً أن حجم الدين يتجاوز أربعة ملايين دولار».
لكن هل يحقّ للحزب استعادة المحطة الإذاعية، بعد تنازل القيادة السابقة عن حصصها للخازن؟ وما هي الخطوات التي ستلجأ إليها «الكتائب»؟ «الإدارة الحالية للإذاعة لا تملك إلا الموجة، بينما يملك الحزب الاسم، والمعدّات والأرشيف والمبنى» يقول المصدر.
وفي وقت تردّد أنّ رأس الحربة في الصراع هي وردة الزامل التي تقف في وجه «الكتائب»، تؤكّد الإذاعية الشهيرة لـ«الأخبار»، أنها لا ترى أزمةً في الإذاعة «نحن في «صوت لبنان» لا نعاني أي مشكلة. هناك أزمة مُفتعلة ضدّنا». وتكشف أنّ الإذاعة التي ينتهي عقد إيجارها في مبنى الأشرفية مطلع الشتاء المقبل، ستنتقل إلى مبنى جديد في منطقة عوكر «لكن ذلك لا علاقة له بالمشكلة».
اللافت أن الصراع بين الطرفَين اندلع مباشرة بعد وفاة سيمون الخازن. إذ نقل بعض المقرّبين من الجميّل أن هذا الأخير طلب من رئيس الحكومة سعد الحريري مساعدته في استعادة الإذاعة، بما أنّ مصرف الحريري هو الذي ديّنَ «صوت لبنان». هل ينتقل الخلاف إلى قاعات المحاكم كما يحصل بين «القوات اللبنانية» ورئيس مجلس إدارة lbc بيار الضاهر؟ أم أنّ الصراع سينتهي حبّياً بين «أبناء البيت الواحد»؟ لا جواب حتى الساعة، لكن الدلائل كلّها تشير إلى معركة حامية... جداً.