في مثل هذه الأيام، يغادر السكون شوارع مدينة زغرتا وزواريبها. يحلّ الصخب فجأة، ليرافق أجواء عيد الفصح الذي تحتفل به الطوائف المسيحية. تمتلئ الشوارع بالمتسوّقين و«يبكّر» البائعون، الذين لا ينامون من الليل إلّا قليلاً. حتى واجهات المحال التجارية استبدلت معروضاتها وحلت مكانها زينة العيد، وخصوصاً المحال التي تبيع الشوكولا، فتصدرت بيضة العيد واجهاتها. «بكرا يوم عيد، وطبيعي بدنا نعيش كل هذه الزحمة وبدنا نطوّل بالنا شوي»، يقول رودريك بو طنوس، صاحب استديو تصوير في المدينة. يسأل بو طنوس، المنهمك بترتيب الصور المبعثرة فوق مكتبه، «إذا بالإيام العادية ما بتروق المدينة، كيف بأيام العيد؟».
لا يكاد الرجل ينهي ترتيب الصور حتى يعود إلى كاميرته، إذ ينتظره بعض الأشخاص لالتقاط صور تذكارية لأبنائهم بالثياب الجديدة وزينة الفصح التي جهزت لهذه الغاية.
ليس الشارع وحده من تهيأ للعيد، فالاستعدادات في المنازل لم تهدأ منذ أيام، إذ يتسابق الجيران على إعداد زينة الفصح والبيض الملوّن وبيض «المفاقسة». هذه هي الحال في منزل رينة منذ ما يقارب الأسبوعين. تنهمك الشابة بتزيين منزلها، حتى مداخله، وبإعداد «الشجرة التي لم تعد فقط حكراً على عيد الميلاد، إذ إننا في عيد الفصح أيضاً نضع غصن شجرةٍ يابساً للدلالة على الموت والبيض الملون للدلالة على الحياة». وتضيف «البيض يرمز إلى انبعاث الحياة، لذا يعطى هذا الاهتمام خلال العيد، فهو يرمز إلى قيامة المسيح من الموت والحياة الأبدية بالنسبة إلى المسيحيين». كما هي الحال في منزل رينة، كذلك في منزل كريم الذي يُعدّ هو الآخر بيض المفاقسة «فنستبدل ما في داخله بالشمع علّنا نربح»، يقول كريم. لكن، بيض المفاقسة «يجب أن يكون ملوناً»، يقول كريم. ولهذا السبب، قد «يأخذ هذا العمل الكثير من الوقت». أما تزيين البيض فيختلف من بيتٍ إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى. وهنا، تروي ندوى شاهين أن «لا شيء مشتركاً إلا الألوان، أما الأشكال فتتنوع». وتغوص الشابة في تعداد بعض الطرق «فهناك طريقة سلق البيض مع أوراق الأعشاب المختلفة بألوانها، أو ربط أوراق البقدونس الخضراء بالبيضة النيئة وتثبيتها بقماش رقيق جداً ثم سلقها في وعاء فيه قشور البصل الحمراء والملح». بعض العائلات قد تترك إعداد زينة الفصح للأطفال، فيزيّنون «الشجرة بالبيض الملوّن الذي يُعدّونه بأنفسهم»، تقول رولى شاهين. أما من لا يستطيع هدر كل هذا الوقت على تزيين البيض والشجر، فقد يلجأ إلى المحال التجارية لشرائها، وهو ما تفعله العائلات المقتدرة فقط.