دقّ رئيس بلدية السّفيرة ـ الضنّية، علي حسّون، جرس الإنذار حيال ما يتعرّض له حرج البلدة للصنوبر البرّي من قطع جائر، ازدادت وتيرته في الآونة الأخيرة مع اقتراب فصل الشتاء، ما يُهدّد فعليّاً الحرج الأكبر من نوعه في لبنان والشّرق الأوسط الذي تزيد مساحته على 3 ملايين متر مربع، بخسارة مساحة واسعة منه، وانقراض بعض أشجاره المعمّرة والنادرة.إذ كشفت مشاهد وصور التقطت من داخل الحرج أنّ أشجاره تتعرّض لقطع ممنهج من قبل مواطنين، أغلبهم من تجّار الحطب والفحم، وخصوصاً أشجار الصنوبر البرّي والملول، بهدف بيعها في سوق تشهد إقبالاً متزايداً على الحطب لاستخدامه في التدفئة بديلاً عن المازوت الذي ارتفع سعره وبات يفوق قدرة كثيرين على شرائه، ما جعل الحطب بديلاً مناسباً لهم، رغم أنّ سعره ليس منخفضاً، بعدما استغل هؤلاء التجّار الأزمة وباتوا يبيعون كلّ طنّ منه بما لا يقلّ عن خمسة ملايين ليرة.
وأوضح شهود عيان لـ«الأخبار» أنّ أشجار الحرج تُقطع من جذورها وليس من أطرافها، وأنّ «كمية كبيرة من أغصان الأشجار المرمية على الأرض يمكن استخدامها في مجال التدفئة، وهي أغصان أغلبها يابس وتصلح للتدفئة أكثر من الأشجار التي تُقطع خضراء، لكنّ المعتدين من تجّار الحطب، ومعظمهم من أهالي البلدة ومن جوارها، يفضّلون الربح السّريع لذلك لا يوفرّون أيّ شجرة، ويعملون على قطع أكبر كمية بأسرع وقت ممكن».

وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ «أغلب عمليات قطع الأشجار تتم ليلاً حيث تُسمع مناشير الحطب، وكذلك نقل شاحنات الحطب إلى وجهتها وزبائنها، لكنّ توقيف حواجز الجيش اللبناني في المنطقة وعند مداخلها شاحنات الحطب ومصادرتها، خفّف من عملية القطع والتعدّي على الحرج».

تدخّل الجيش على هذا النحو جاء بعد مناشدة رؤساء بلديات وناشطين ومواطنين وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، أثناء زيارته إلى الضنية في 9 أيلول الماضي، من أجل طلب مساعدة الجيش والأجهزة الأمنية للتدخّل والمساعدة لوقف هذه المجارز البيئية، وقد وعد الحاج حسن بالتواصل مع قيادة الجيش والأجهزة الأمنية لهذه الغاية.

لكن رغم ذلك، لا تزال عمليات القطع الجائر متواصلة، وهو ما دفع رئيس بلدية السّفيرة إلى التوضيح، في بيان له، أنّه «بعد مخاطبة جميع المعنيين، وإجراء اتصالات مع وزيري البيئة والزراعة، وإرسال كتاب إلى قائمقام قضاء المنية ـ الضنية، ومناشدة الأجهزة والقوى الأمنية حماية الحرج من قطع الأشجار بشكل عشوائي، فإنّ أحداً لم يستجب للنداء»، موضحاً أنّ البلدية «لا تملك إمكانيات بشرية ومادية لحماية الحرج الذي تعود ملكيته للدولة اللبنانية، وهي المعني الرئيسي بحمايته».

وأكّد حسّون أنّه «لا يغطي أيّ أحد من المعتدين على الحرج والأملاك العامّة»، لافتاً إلى أنّ «لدى مخفر درك السّفيرة التابع لقوى الأمن الداخلي وفرع مخابرات الجيش لائحة بأسماء المعتدين على الحرج»، مطالباً الأجهزة الأمنية بحماية الحرج لأنّ الأشجار المعمّرة والنادرة فيه ستنقرض. كما أكد رفع الغطاء عن أيّ معتد «أيّاً كان»، مشيراً إلى أنّ «هذا البيان يُعدّ بمثابة إخبار للجهات القضائية والقوى الأمنية وأهالي السّفيرة ولجميع المعنيين».