لم يسبق للممثل السوري كفاح الخوص أن حقّق نجاحات تلفزيونية صريحة تتواءم مع موهبته الكبيرة إلا في ما ندر، في مقابل إنجازات بارزة على المسرح. لكن الشهرة والانتشار بالنسبة إلى غالبية الممثلين في منطقتنا لا يتحققان من دون الشاشة الصغيرة، خصوصاً في رمضان ربّما! في موسم 2024، كان الممثل الأكاديمي حاضراً بالصيغة التي يشتهيها أي فنان، عبر دور «سليم» في مسلسل «تاج» (كتابة عمر أبو سعدة، وإخراج سمر البرقاوي ــ بطولة: تيم حسن، وبسّام كوسا، وفايا يونان، وغيرهم). قدّم الخوص مقترحاً أدائياً لافتاً لصحافي تحتمل شخصيّته الخوف والشجاعة بالقدر نفسه وبطريقة ملامسة للواقع، وهي ميزة الشخصيات التي اشتغل عليها أبو سعدة وخرجت معافاة من هالة القداسة التي تطغى على بعض أبطال القصص. «سليم» الذي يتحدّث الفرنسية بلكنة شامية، أعطته بعض المفردات وطريقة إلقائها بعداً واقعياً حقيقياً، وسيكون لحلوله ومقالاته ثقلاً نوعياً في العمليات التي ينجزها ثوّار سوريون ضدّ الاحتلال الفرنسي.
لعلّ الخوص يعيش أفضل أيّامه بعد هذا النجاح، ولا بد أنّ قطاف الموسم المثمر سينعكس على أدائه المهني، خصوصاً أنّه يمضي جزءاً من وقته في تعليم فن الأداء لممثلين شباب في «معهد دراما رود» (رانيا الجبان ورشا شربتجي)، فيما يتحضّر حالياً لإطلاق ورشة تدريبية للتمثيل في دبي بشراكة زميله النجم محمد حداقي. سنلتقيه سريعاً لنسأله بداية عمّا إذا كان «تاج» قد أنصفه بعد قرابة ربع قرن على تخرّجه من «المعهد العالي للفنون المسرحية»، فيجيب: «ربّما يكون كذلك بعد انقطاع عن الشاشة لثلاث سنوات... لمست جودة في ظروف العمل الصحيّة، والمعطيات الإنتاجية المريحة، وطبيعة الدور المؤثّر، وفرادة الشخصية كجزء من حكاية تركت انطباعات إيجابية في غالبيتها كونها تخص السوريين في حقبة مهمة من تاريخهم البطولي».
وحول الآراء التي رأت في العمل الدرامي إطالة وأنّه كان يمكن اختصاره في 15 حلقة، يعتقد الخوص أنّه لا يمكن للجمهور «ضبط الأمر والتنظير في هذا الجانب، لكن يمكن الإصغاء للأقلام الصحافية المحترفة والأصوات النقدية... من ناحيتي لم أسمع سوى الآراء الإيجابية، ولم تصلني أصداء سلبية في ما يخص هذه الجزئية أو غيرها».
أما عن أكثر ما ميّز «سليم» والشغل على المستوى الواقعي، فهو من وجهة نظر كفاح أنّ «الفريق كان أميناً على النص إلى حد كبير، والتزمنا بالصيغة النهائية للورق والرؤية الإخراجية. ما أستطيع قوله عن نفسي إنّني شعرت بالمطلق بكل حالات «سليم» وتقلباته والظروف التي حاصرته».
وفي ما يتعلّق بضمان النجاح لمجرّد الشراكة بين النجم تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي، يعقّب بالقول: «شكّل تيم وسامر ثنائياً يعمل على مشاريع مهمّة في الأساس، ولم يشتغلا على أساس صناعة الترند الذي يتلاشى وينطفئ بلحظة. هكذا، استمرت هذه الشراكة الطويلة وأثمرت أعمالاً حملت رسائل مهمة حفّزت القنوات الكبيرة على شرائها، لدرجة صار الجمهور ينتظر ما ستقدّمه هذه الورشة سنوياً. والأكيد أنّ وجود حسن في هذه الأعمال قيمة مضافة تجذب الأضواء والاهتمام إلى العمل».
وبالنسبة إلى اللغة الفرنسية، يؤكّد الخوص أنّه لا يتحدّثها، «لكنّ مساعد المخرج زين عبد ربه الذي يجيدها بطلاقة درّبنا عليها على مدى خمسة أشهر».
بعيداً عن المنافسة الرمضانية وانطلاقاً من عمله كأستاذ لفنّ الأداء، هل يرى كفاح الخوص حاجة إلى هذا الكم الكبير من الممثلين الشباب؟ وأين يمكن استيعابهم في وقت لا ينجز فيه سنوياً أكثر من مسلسلات معدودة؟ «نحن بحاجة إلى دماء ووجوه جديدة سنوياً... عدد المتخرّجين ليس كبيراً لأن «المعهد العالي» يخرّج حوالى 12 طالباً في كلّ عام، بالإضافة إلى المتخرّجين من المعاهد والكليات الخاصة. لكلّ من هؤلاء فرصة للعمل وإثبات نفسه»، يقول. ويضيف: «في النهاية، الأمر مرتبط بالفرص، عدا عن أنّنا في سوريا نعاني من البطالة عموماً...».
وعن التقاطع بين مهنة التمثيل وتدريس فنّ الأداء، يشير إلى وجود فرق بين أن تكون ممثلاً وأن تكون مدرّساً: «الأستاذ هو الذي يستطيع وصف الخطأ وشرح مواصفات الشخصية من دون أن يمثلها، ولكن أن يتّجه أي أستاذ تمثيل إلى تجسيد الشخصية عملياً، فربّما يعجز عن الوصف... لذلك عليه أن يكون خبيراً في توصيف الخطأ والشخصية وأي عنصر آخر على المستوى النظري، وليس بالضرورة عملياً».