«عظماء بلا مدارس» هو عنوان لبحث موسّع أنجزه الرحالة السعودي عبد الله الجمعة، وثّق فيه رحلة مجموعة من الأسماء المعروفة على رأسها: اديسون ونيوتن وجيمس واط وستيف جوبز وبيل غيتس إلى باولو كويلو وماركيز وهمنغواي وتولستوي وحتى شكسبير، وكيف تمكّن كل هؤلاء وغيرهم من صناعة التاريخ وإضافة الانجازات العبقرية والاستثمارات الكبرى وتأليف المراجع الأدبية والفنية من دون أن يتخرجوا من الجامعات والمدارس، أو لم تكن المؤسسات التعليمية وراء نجاحهم. على الخطى عينها إنما بسلوك يعتبر ثورياً قياساً لمجتمعها، مشت النجمة سمر سامي مذ كانت طفلة. إذ غادرت المدرسة إلى غير رجعة بعد أوّل صفعة تلقّتها. كانت تريد أن تحتج على ضربها وتثبت لنفسها والعالم بأنّها قادرة على التعلّم بمفردها، وهو ما حصل فعلاً لتقرأ امهات الكتب وتلتهم مكتبة ثرية كاملة خلال مشوارها!غالباً ما يستدرجها الزمن نحو ذكريات مترفة بالحزن وتستعيد بغصّة صباح أحد الأعياد، عندما كانت سمر طفلة تتمشى مع صديقتها صفيّة في حي الخالدية الحمصي، وكان عليهما عبور شارع عند مدخل حمص: «كنت ما زلت أشعر بحرارة يدها عندما غابت. لا أدري كيف أفلتت يدها من يدي. بحثت عنها، فوجدت الشريطة الصفراء وخصلة من شعرها. شاحنة مسرعة أخذت معها صفية». تقول سمر من دون أن تتخيّل يومها أو بعد سنوات طويلة، بأن المئات من أبناء «عاصمة الفكاهة السورية» سيموتون تحت ركام المدينة المنكوبة بطريقة أفظع من موت صديقتها. على هذه الحال، لاحقاً، تحوّل منزلها في جرمانا (ريف دمشق) والمحاط بكل أنواع الورود التي ترويها يومياً، لما يشبه مخيم النازحين، بعدما لجأ إليه من بقي حيّاً من أهلها وأقاربها. لكن جرمانا التي تفصل الغوطة الشرقية عن الغوطة الغربية، كانت على مدار سنين الحرب السورية مسرحاً لقذائف الهاون التي أصابت إحداها منزلها.
أستاذة الأداء التمثيلي المصنوع خصيصاً لتعديل المزاج، ورفع السوية العامّة في أي عمل تشتغل فيه، اعتزلت منذ زمن بعيد كلّ الجلسات العامة، لصالح كينونتها في «صومعتها المقدّسة»، أي بيتها الذي تصنع منه سينوغرافيا آسرة، ومشهدية موغلة في البساطة، لكّنها عميقة في الدلالة! هناك، تعيش سامي عوالمها المفتوحة على الاحتمالات المتعدّدة. تتأمّل في ما حولها بمزاج موغل في الهدوء، كأنّها إحدى شخصيات مسرحية «في انتظار غودو»، بخاصة أنها مسكونة بهواجس كبرى، على المستويات كافة. طقوسها اليومية كانت محصورة بين أربعة جدران، لا تفارقها إلا من أجل مشوار سريع تقطعه على قدميها وتعود. طقس المشهد الحياتي بالنسبة إليها في مقتبل سنوات الحرب، كان عبارة عن امرأة تراقب بحذر شاشة التلفزيون على مدار 24 ساعة... سيجارة حمراء طويلة بيد، والكتاب بيد أخرى، وكأس المتة على الطاولة، وعيناها شاخصتان باتجّاه أي حدث سوري. ظلّت على هذه الحالة حتى توقف التلفزيون عن العمل في إحدى الليالي الصاخبة بالعنف. عندها فقط تمكّنت من النوم العميق. منذ ذلك الحين، لا تملك نجمة «أحلام كبيرة» (أمل حنّا وحاتم علي) سحر الصندوق الذي يعرض أعمالها. إن أتيح لها مشاهدة شيء على المواقع الإلكترونية، سيكون من حسن حظّها، وإن لم تتمكن، تعتبر أنه لم يفتها شيء!
آخر ما أنجزته خلال السنوات الأخيرة الماضية كان مجموعة مسلسلات: «على قيد الحب» (فادي قوشقجي وباسم السلكا) و «على صفيح ساخن» (علي وجيه ويامن حجلي وسيف السبيعي) و«أثر الفراشة» (محمود عبد الكريم وزهير قنوع). أما هذا العام فسيكون حضور سمر سامي في الأعمال الاجتماعية، إذ ستتصدى لبطولة مسلسل «عقد إلحاق» التي تعمل شركة pentalens (سما الفن) على التحضير لتنفيذه تحت إدارة المخرج ورد حيدر (حفيد الروائي الراحل حيدر حيدر) الذي يخوض أولى تجاربه الإخراجية في الأعمال التلفزيونية. وستكون برفقتها النجمة دانا مارديني التي غالباً ما يشبهها الجمهور بسمر سامي ويعتقدون أنها ابنتها. العمل مؤلف من 12 حلقة سينطللق تصويره خلال الأسابيع المقبلة!
أما موضوع المسلسل وفق ما علمنا، فهو عن أطفال المياتم ومجهولي النسب وقصصهم الموغلة في الدراما وواقعهم المأساوي ونظرة المجتمع لهم، مع حرص فريق العمل على إحاطة الحكاية بالسرية المطلقة لحين عرضها على الشاشة!