منح «مهرجان برلين السينمائي الدولي»، أوّل من أمس السبت جائزة «الدب الذهبي» لوثائقي Sur l'Adamant للفرنسي نيكولا فيليبير والذي يتناول موضوع سفينة تستضيف أشخاصاً يعانون اضطرابات نفسية في باريس.ويأتي فوز الشريط الأوّل من ثلاثية عن عالم الطب النفسي، بعد عقدين على النجاح الكبير الذي حققه Etre et avoir لمخرج الأفلام الوثائقية نفسه البالغ 72 عاماً.
وأوضح نيكولا فيليبير بعد تسلمه جائزته، أنّ Sur l'Adamant غير المرفق بأي تعليق صوتي حيث تركّز الكاميرا على وجوه المرضى في هذه السفينة التي يتمتعون فيها بحرية كبيرة، «محاولة قلب الصورة السائدة عمن يعانون الجنون»، معتبراً أنّ «الأشخاص الأكثر جنوناً ليسوا من يُعتقد أنهم كذلك».
ويظهر المرضى في الفيلم وهم يشاركون في ورش عمل علاجية أو فنية، لكنهم ينسون أيضاً حالاتهم المرضية لبناء حياة مشتركة، فيساعدون مثلاً في الشؤون المتعلقة بالموازنة.
كما نال الفرنسي فيليب غاريل (74 عاماً)، جائزة «الدب الفضي» لأفضل مخرج عن فيلم Le Grand Chariot، وهو عمل أشبه بوصية فنية صوّره المخرج مع أبنائه.
كذلك، منحت لجنة التحكيم، التي ضمت أيضاً المخرجين الحائزين جائزة «الدب الذهبي» سابقاً، رادو جودي وكارلا سيمون، والممثلة الفرنسية الإيرانية غلشيفته فراهاني، جائزة أفضل أداء تمثيلي للفتاة الإسبانية صوفيا أوتيرا البالغة 8 سنوات، عن دورها في فيلم «20000 سبيشيز أوف بيز».
وقد تسلمت الممثلة الناشئة، والدموع في عينيها كالكبار، جائزتها هذه، وهي مكافأة يقدمها «مهرجان برلين» لأفضل أداء تمثيلي من دون تحديد الجنس. في الفيلم الذي وقعته الإسبانية إستيباليس أوريسولا، تؤدي أوتيرا دور طفلة تبلغ تسع سنوات، وُلدت ذكراً وتعتبر نفسها فتاة. وحضرت مسألة الهوية والعبور الجنسي، التي يتطرق إليها عدد متزايد من صانعي الأفلام، مرات عدة في قائمة الجوائز.
وقد حصلت النمساوية ثيا إيره، الناشطة جداً في مجال حقوق المتحوّلين جنسياً، على جائزة أفضل دور ثانوي، عن أدائها في فيلم «تيل ذا إند أوف ذا نايت»، كما نال المفكر بول ب. بريسيادو، وهو شخصية رئيسية في هذه المسألة، جائزة في الفئات الموازية في المهرجان عن فيلمه الأول Orlando, ma biographie politique.
بعيداً عن المنافسة، سمحت النسخة الثالثة والسبعون لـ «مهرجان برلين السينمائي» بالعودة إلى الوضع الطبيعي. فبعد نسختين مصغرتين بسبب قيود الجائحة، أقيم المهرجان الذي استمر 11 يوماً بحلّة كاملة هذا العام، مستقطباً بعضاً من أشهر الأسماء في عالم السينما من أمثال الممثلتين كيت بلانشيت وهيلين ميرن، والمخرج ستيفن سبيلبرغ الذي حصل على جائزة الدب الذهبي الفخرية.
ومن بين المشاهير الذين حضروا أيضاً المهرجان هذا العام، الممثل شون بن الذي جاء لتقديم فيلم وثائقي عن جولاته في أوكرانيا خلال الحرب.
كذلك، فازت الشقيقتان اللبنانيتان ميشيل ونويل كسرواني، عن فئة أفضل فيلم قصير عن «يرقة» الذي يروي قصّة أسما وسارة، متناولاً تأثير الأحداث التاريخية على تشكيل حياة المرء في العالم اليوم، وكيف تتشكّل فرديّتنا من خلال السفر وظروف العمل والصدمات الثقافية والشخصية. وهكذا فإنّ استغلال النساء في مزارع دودة القزّ في جبل لبنان، قبل قرون على ايدي المستعمرين الفرنسيين، يبدو أنه يغذّي نضالات أسما وسارة اليومية، من دون علمهما بذلك الرابط. «فيلم عن الاستغلال - آنذاك والآن - وعن التضامن النسائي والصداقة والسلوان»، بحسب التعبير الوارد في نص صادر عن المهرجان.
كتبت ميشيل كسرواني سيناريو الفيلم استناداً إلى بحثين، هما «حبّ الحرير» لفواز طرابلسي و «منزل» إلى «آلهة منزل واحد: جندر، طبقة وحرير في القرن الـ19 في جبل لبنان» لأكرم فؤاد خاطر. والشريط من بطولة مسا زاهر ونويل كسرواني، وفيما شارك في تأليف الموسيقى التصويرية زيد حمدان ولين أديب.
ومساء الجمعة، نال فيلم «أول ذا كولورز أوف ذا وورلد آر بيتوين بلاك أند وايت» للمخرج النيجيري باباتوندي أبالوو، جائزة «تيدي أوورد» لأفضل فيلم عن مجتمع المثليين.
علماً أنّ الممثلة الأميركية كريستن ستيوارت (32 عاماً) التي باتت أصغر رئيسة للجنة التحكيم في تاريخ «البرليناله»، إنّ مهمة هذا المهرجان هي «الذهاب إلى أبعد من المألوف». وأضافت أنّ «المعايير غير الظاهرة التي وضعتها الصناعة والأكاديمية حول ماهية الفيلم لا تتطابق» والشريط الفائز.