قبل أيام قليلة، غادر الممثل علي سعد بيروت، وقررّ الاستقرار في طهران. ليس يأساً من الوضع الأمني السيء، ولا خوفاً من التفجيرات المتنقلة. ترك عائلته هنا، وسافر ليتقمّص شخصية الإمام علي بن موسى الرضا في مسلسل «الإمام الجواد» الذي يطرح سيرة الإمام التاسع من أئمة الطائفة الشيعية. تنطلق أحداث العمل بالإضاءة على مراحل من حياة الرضا، ويتناول حياة الوالد وابتعاده عن ابنه في سن صغيرة إلى حين وفاته، إضافة إلى ما جرى من أحداث بينه وبين الخليفتَين العباسيَين المأمون والمعتصم. ويجمع العمل نخبة من الممثلين العرب، فمن لبنان يطلّ كل من: حسام الصباح، سمير شمص، جمال حمدان، حسن حمدان، حسن فرحات، محمد علاء الدين وروضة الحاج في دور زوجة الإمام الرضا، كما يضمّ من سوريا وائل رمضان في دور المأمون وسعد مينا بدور الخليفة المعتصم بالله.
يشكّل المسلسل أوّل الأعمال الإيرانية التي تطرح سيرة الإمام الجواد بصيغة درامية، وثانيها التي تقدّم سيرة الإمام علي بن موسى الرضا بعد المسلسل الإيراني «غريب طوس» قبل بضع سنوات، كذلك إنها المرة الأولى التي يجمع فيها سيناريو درامي قصة تجمع الإمامين والمأمون في 30 حلقة مرشحة للعرض في رمضان المقبل، وهي من كتابة وإخراج سوريَين، هما السيناريست محمود عبد الكريم والمخرج فهد ميري. ينتظر أن يقدّم العمل بمواصفات إنتاجية أفضل بكثير من الأعمال الإيرانية التي تصوّر في بيروت، فقسم كبير منها يبدو هجيناً وإنتاجه ضعيف لأسباب غير مبررة، خصوصاً أن الموازنة المرصودة لها غالباً ما تكون كافية لتقديم عمل جيد. والأكيد أن العمل يمثّل تحدياً وحلماً للممثل علي سعد في آونة واحدة. يعلّق الأخير في حديث إلى «الأخبار» رداً على سؤال حول ما إذا كانت البطولة التي انتظرها طويلاً في بيروت قد حصل عليها من طهران: «أعتبر أنني حصلت على البطولة في مسلسل «قيامة البنادق» في رمضان الماضي، إذ قدمت شخصية تاريخية عظيمة للسيد عبد الحسين شرف الدين وأعتزّ بأنني جسّدتها». ويضيف أن من رشحه لشخصية الإمام الرضا، هو بلال زعرور مدير «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني والتوزيع»، الذي طُلب منه اقتراح أسماء مناسبة للعمل. وقد انتقل الممثل اللبناني أخيراً إلى طهران حيث سيقيم ثلاثة أشهر متتالية، ليتمكّن من الانتهاء في الوقت المناسب. ويوضح أن العمل ليس شعبوياً، «إذ يعتمد اللغة الفصحى الثقيلة، لأن الأئمة كانوا ضليعين فيها، وتبرز فيه شخصية الإمام المثقف». ويؤكد أنه يعرف كل شيء عن الإمام، «قرأت عنه الكثير لأنه إمام معروف عند الطائفة الشيعية، وأحلم بزيارة بمقامه وأعرف قصة حياته كاملة. وعندما طرح عليّ الدور كان صدمة بالنسبة لي ومسؤولية كبيرة، ولم أتردّد في الموافقة للحظة، فالقدر أراد أن يحوّل حلمي إلى حقيقة». يلفت سعد إلى أن «الإمام الرضا هو الوحيد الذي دفن في مقامه في إيران. وكان يخشى أن تنقطع سلالة الأئمة، فأكد أنه سينجب ولداً وسيسميه محمد وسيلقب بالجواد».
من جهة أخرى، كان سعد مرشحاً لبطولة في مسلسل «دعوة مقاوم» للكاتب جبران ضاهر والمخرج إياد النحاس، كذلك شارك في وضع ملاحظاته على النص منذ أكثر من نصف سنة، لكن بعد اتفاقه على مسلسل «الإمام الجواد» قبل شهرين، وجد أنه ليس قادراً على التنسيق بين العملين، ولم يشأ تفويت فرصة تجسيد شخصية الإمام، لكنّه يرى أنّ العمل تحمل قصته مواصفات النجاح.