حرث حسين الجسمي قلوب محبيّه! كعادته، تفنّن النجم الإماراتي في إذابة قلوبهم وهو يسمعهم نبرة صوته الاستثنائية ويشدو الجديد من أغانيه. كأنّه ينوّم معجبيه مغناطيسياً. هذه المرّة، الخيار كان قاسياً جداً لأنّ «الحنيّة الزائدة قسوة»، كما يقول الشاعر السوري هاني نديم وهو يستمع لأغنية الجسمي الجديدة «ما نسيتك» (كلمات وألحان اسماعيل الفروه جي) بصوت المغنية السورية ميس حرب. وللأغنية العراقية قصة بدأت في مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما قدّمها المغني العراقي عادل عكلة، وحققت نجاحاً آنذاك. غير أنّ الجسمي دائم البحث في عمق بحر الموسيقى العربية طمعاً بالغالي والنفيس منه، حتى ولو لم يكن صاحبه الأصلي. فلا ضير من تجديده وإعادة توزيعه وتقديمه بغلاف عصري وحصد نتائجه. هكذا، بدأ الشغل على هذه الأغنية فور عثوره عليها. أخذ إذن صاحبها وأعاد هيكلتها من جديد وكأنّها كُتبت من أجله، قبل أن يؤدّيها وكأنّها عمل جديد تماماً.


وللمرّة الأولى، نشر حسين الجسمي على حسابه على «إنستغرام» فيديو يظهر صاحب الأغنية الأصلي وهو يعزف اللحن الجديد على البيانو فيما يتولّى شخصياً الغناء. لاحقاً، وجدت الأغنية طريقها إلى قناة الجسمي الرسمية على «يوتيوب»، حيث تحوّلت إلى ما يشبه القنبلة المضيئة. لم تكن مادة فنيّة عادية. لعلّها تحفة هذا الموسم. تعبير جارح عن مرور شريط طويل من الذكريات والحنين. ومعادل حقيقي لما قاله بيتهوفن في وصف الموسيقى: «نار في قلوب الرجال، ودموع في عيون النساء».
بالتوازي، يكشف هذا العمل الفني عن مقدرات جديدة في صوت صاحب «والله ما يسوى» وتكنيك مرن في إجادة طبقات صوت متناقضة، وتلوين حاد، وتنويع غني بين قرار وجواب... وتعود الكلمات لترصد معادلات موضوعية، وبدائل حسية، لمقولات كبرى. وكأنّه عندما يقول «إنت روحي وياهو يقدر ينسى روحه. إنت سرّي وشلون للعالم أبوحه. إنت وردة ومن دمع عيني سقيتك» يستحضر إرنست همينغواي وهو يصف الدموع: «تلك المشاعر التي تفيض فتصبح أجسامنا عاجزة عن استيعابها فتخرج على شكل دموع». اليوم الخميس، تجاوزت الأغنية حاجز الخمسة ملايين مشاهدة على الموقع المذكور، بعد أقل من أسبوعين على طرحها. وهذا ليس بجديد بالنسبة إلى المغني المعروف بتحقيق أرقام قياسية. لكن ربّما هذه المرّة الأمر مختلف باعتبار أنّ الرجل يجمع المجد من جميع أطرافه ويستقطب نماذج وشرائح مختلفة من الجمهور. «ما نسيتك»، عمل يستمع له روّاد الفن المعاصر فيتلقفونه بحماس، ويصغي إليه عشّاق الزمن الذهبي والطرب الأصيل فيتنهدون ويطربون.. بالفعل كما يقول المصريون في لهجتهم الشعبية المحببة: «ده الغُنا يا إمّا بلاش».