صور | بما أن وزارة الداخلية والبلديات أصدرت قبل أكثر من أسبوع تعميماً يعيد السماح للبلديات بمنح رخص بناء بمساحة 120 متراً، بهدف «تنفيس» انتفاضة مخالفات البناء في منطقة الزهراني، فلماذا لم يرسل التعميم حتى مساء أمس الى تلك البلديات لاستئناف العمل به؟رؤساء البلديات لا يزالون بانتظار تبلغ التعميم رسمياً، علماً بأن المخافر تبلغته منذ ليل الثلاثاء من الأسبوع الفائت، الأمر الذي أحرج البلديات من جهة والقوى الأمنية من جهة أخرى، إذ فقدوا الرادع الرسمي للحد من تشييد ورش بناء جديدة في الأملاك العامة أو الخاصة من دون ترخيص. من هنا، فقد لجأت بعض البلديات الى إصدار إقرار يفيد بأن البلدية توافق على تشييد ورشة بناء في ملك خاص، على أن ينجز صاحبها تسجيلها رسمياً بعد «تعميم» التعميم.
أما بالنسبة إلى الأملاك العامة، فقد شارفت الأمور على الفلتان في منطقة صور بعد فلتانها في الزهراني. وبعد «حفلات» إشعال الإطارات وإقفال الطرق والمسارب المؤدية الى الأحياء التي تشهد ورشاً مخالفة، تحوّل البناء الى ظاهرة في بلدات طير حرفا ومجدل زون والمنصوري وطيرفلسيه وأحياء الزراعة والمساكن عند أطراف مدينة صور الشرقية.
اللافت أن مبررات الانتفاضة، التي كانت تحصر سابقاً بتسيير أمور الفقراء وتمكينهم من الإضافة على منازلهم لعدم قدرتهم على شراء عقارات أو شقق سكنية، قد تخطت هذا الحد. ففي طيردبا على سبيل المثال، استنسب البعض عقارات معينة في المشاعات بسبب موقعها المميز وبادروا الى تسييجها تمهيداً للبناء فيها. أما في المساكن، فقد قرر آخرون الإضافة على منازلهم، التي تقع أصلاً في الأملاك العامة، أفقياً، والتمدد الى محيطها. تلك الإضافات تهدد ملعب الحي الذي هو المساحة الوحيدة في المنطقة للاستخدام العام، إذ يتخذه البعض مقراً للتدريب الرياضي ومباريات كرة القدم. أما في الصرفند، فقد تعدى البعض على أملاك وزارة النقل ومصلحة السكة الحديد، حيث بنوا بيوتهم على السكة تماماً. فيما اختار آخرون قطعة مصنفة أثرياً.
ما يثير الدهشة إزاء هذا المشهد، هو تقاذف كرة المسؤولية عن قمع المخالفات بين القوى الأمنية من جهة والقوى السياسية من جهة. فالأمن يحتاج الى قرار سياسي ليتمكن من قمع المخالفات وردع الناس عن التمادي بها، فيما السياسيون يتهمونها بالتقاعس. في هذا الإطار، لام رئيس مجلس النواب، نبيه بري، السلطات الأمنية أمس «لتقاعسها في قمع هذه المخالفات ولم تفعل رغم الاتصالات المكثفة التي أجراها في هذا الصدد» بحسب ما نقل عنه النواب خلال لقاء الأربعاء.
من جهة أخرى، يُلمّح مسؤولون أمنيون الى أن مسؤولين في بعض القوى السياسية النافذة في الجنوب متورطون في انتفاضة المخالفات ويشيدون لهم أبنية خاصة، لا في الأملاك العامة فحسب، بل في الأملاك البحرية كما هي الحال في عدلون والصرفند.
يُذكر أن اهالي بلدة البرغلية قطعوا طريق صيدا ـــــ صور الرئيسية عند محلة شوران بالإطارات المشتعلة، وقد تجمهر الأطفال والنسوة ومنعوا مرور السيارات احتجاجاً على منعهم من البناء في الأملاك العامة.
إذا كانت التحركات في الجنوب يمكن فهمها، فإن المثير هو الاحتجاجان اللذان سُجّلا في الأوزاعي والشويفات أمس.
فقد توجهت دورية من قوى الأمن الداخلي لقمع مخالفة بناء في الشويفات، صاحبها من آل مشيك، فتجمهر عدد من الأشخاص، وأطلق أحدهم النار في الهواء، ما اضطر عناصر الدورية إلى إطلاق النار، في الهواء أيضاً، لتأمين انسحابهم. أما في الأوزاعي، فقد عمد عدد من المواطنين وسائقي بعض الشاحنات على قطع الطريق ظهراً، احتجاجاً على قمع القوى الأمنية مخالفات بناء على أرض مشاع في محلّتي الأوزاعي وبئر حسن.