ما زال «النظام اللبناني» على حاله. يقلق الكثير من الشباب على مستقبلهم. منهم من يهاجر. منهم من يتعامل مع الواقع «براغماتياً». ومنهم من لا يزال يطمح إلى التغيير، رغم تقلص الأمل، وابتعاد الطريق المؤدية إلى «نظام» بديل. صباح غد، سيقدم شباب «التحالف الوطني التقدمي» طروحاتهم
محمد محسن
تغيير النظام السياسي، الموضوع الاقتصادي والاجتماعي، المقاومة، الحريات العامة والإعلام، حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وحقوق الفئات المهمشة، كل هذا ولم نقل شيئاً بعد. لبنان يعج بالعناوين الواسعة، التي لا تكفي مؤتمرات ضخمة لمعالجة الأزمات المنبثقة منها. صباح غد، سيجتمع «كرمى لعيون» هذه المواضيع، مئات الشباب في «المؤتمر الوطني للشباب: غيرلو النظام» في قاعة «رسالات» في منطقة بئر حسن. في 3 ساعات ونصف ساعة، سيناقش الشباب ورقة عمل قدّمتها اللجنة المنظّمة، عرضت خلالها مجموعة نقاط كحلول «ممكنة» لأزمة النظام اللبناني المريض.
بواقعية، يتحدّث أحمد الحلّاني، أحد أعضاء اللجنة المنظّمة للمؤتمر، عن الأهداف المرجوّة. يقول إنّها «ليست لتغيير النظام، رغم أن العنوان كذلك». ببساطة الهدف الأساسي عملياً هو «جمع شمل الشباب المتفقين على عناوين ورقة العمل التي قدمناها كي تكون الصرخة قوية بدل أن تأتي من أماكن متعددة». وإذ يشير إلى أن الدعوة موجهة إلى أي شاب لبناني، يؤكد أن منظمّي المؤتمر (حركة الشعب، الحزب السوري القومي الجتماعي و مستقلّون) لا يريدون العمل تحت الأسماء الحزبية، بل تحت اسم «التحالف الوطني التقدمي». يلفت الحلاني إلى أن المنظمين عملوا على حشد 1200 شخص للمشاركة، لكنه يتوقع أن يتراوح عدد الحاضرين بين 600 و800 شاب. حجم العدد الذي يتوقعه المنظمون يطرح تساؤلاً عن آلية النقاش وإمكان فسح المجال أمام الجميع للإدلاء بآرائهم. من هنا، يؤكد الحلاني أن المحاضرات والمناظرات «ستغيب عن المؤتمر. سيتضمن البرنامج كلمة افتتاحية لأحد أعضاء اللجنة المنظمة، ومن ثم سيفتح باب النقاش في نقاط ورقة العمل. لكل مشارك 4 دقائق يوصل فيها وجهة نظره».
وفي سياق منفصل، يلحظ قارئ ورقة العمل التي سيقدمها المؤتمر خلوّها من آليات محددة للعمل، واقتصارها على عناوين عامة ونقاط كثيراً ما جرى الحديث عنها من أطراف متعددة. تغيير النظام الطائفي، شطب الطائفة من سجلات النفوس، قرار الزواج المدني الإلزامي، حرية قطاع الإنترنت، حق المرأة في منح أولادها الجنسية اللبنانية. على الورق، تبدو النقاط أشبه بجردة سنوية لعناوين تظاهرت لأجلها بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. ليس من جديد في الوثيقة. هذا ما يؤكده الحلاني، قائلاً إن «آليات العمل لتحقيق هذه المطالب مهمّة جميع المشاركين في المؤتمر. هم من سيقترحونها ويسعون جميعاً إلى تطبيقها. نحن لدينا آليات سنطرحها كالتظاهرات وتوقيع العرائض وأمور أخرى» كما يقول.
باكورة هذه النشاطات إنشاء موقع إلكتروني سيكون ملتقى لجميع من يودون وضع اقتراحاتهم العملية لنجاح المؤتمر، وخصوصاً أن أعماله ستستكمل في ما بعد عبر إنشاء لجنة متابعة، لتنسيق النشاطات المقبلة بناءً على ما يتفق عليه المشاركون في المؤتمر. أما على موقع فايسبوك، فيدور جدل بين من سيحضر المؤتمر ومن سيتخلّف عنه. تعكس النقاشات وضع الشباب اللبناني المختلف في ما بينه. وهذا ما يفسر إحجام عدد كبير من الأحزاب عن المشاركة، لا من قريب ولا من بعيد، كما علمت «الأخبار» من مصادر طالبية مطلعة. وبالعودة إلى فايسبوك، رأى أحدهم أن تغيير النظام يحتاج إلى «أموال ولا شيء غير الأموال»، فيما رفض مشارك هذا المنطق، مصرّاً على تغيير «النظام العفن». وبين هذا وذاك يذكر أحدهم بالأغنية: «من أجل قيام ثورة ضد النظام يجب أن يوجد النظام أولاً».


معظم الحضور من الهرمل وعكار

استوحى المنظمون اسم المؤتمر من أغنية «غيرلو النظام» للفنان سامي حواط. أمّا الرسم الموجود على ملصقاته، فهو يحوي رجلاً يحمل فرشاة دهان وهو يغير ألوان أشخاص يقفون بوجهه. يتحدث أحمد الحلاني (الصورة) عن عوائق عديدة واجهت المنظمين. فالتكاليف المادية سيتكفل بها بعض المتطوعين، كذلك فإن الإعداد والتواصل مع الفاعليات والمنظمات والاتحادات الشبابية وبعض الجمعيات تتطلب زيارات إلى جميع المناطق اللبنانية خلال شهرين. أما العقبة الكبرى، فكانت «في المناطق السياسية المغلقة، حيث حاول كثيرون إحباطنا ومنعنا من التواصل مع شباب المنطقة» يقول حلاني، لافتاً إلى أن تقديرات المنظمين تشير إلى أن «معظم الحضور سيكون من شباب المناطق المحرومة كالهرمل وعكار».