الملك حمد «اخترع» جالية يهودية لاستدعاء حماية إسرائيل لنظامه من شعبه
لكنّ تضخيم الجالية اليهودية، واستعجال الاتفاقات الأمنية مع العدو، لهما جذر آخر لدى النظام البحريني. فمن المعروف أن هذا النظام لا يحتمل أيّ تواصل بين الولايات المتحدة ومجموعات المعارضة البحرينية، حتى لو كانت من المجتمع المدني، على رغم أن واشنطن ضالعة في حمايته من شعبه، وشريكة في محاولة سحق الثورة. لكنّ حمد يخشى تشكيكاً أميركياً في جدوى نظامه بالنسبة إلى مصالح واشنطن في الخليج، إنْ هي أرادت رحيلاً عن هذه المنطقة، ويظنّ أنها تحتفظ لذلك الغرض بجسور تواصل مع القوى الأخرى. ولذا، نظّمت السلطة حملة على وسائل التواصل، ضدّ السفير الأميركي الجديد لدى المنامة، ستيفن سي بوندي، لأنه اجتمع ببعض ممثّلي منظّمات المجتمع المدني. لكن في البحرين بالذات، بخلاف ما هو عليه الأمر في السعودية والإمارات، حيث الاعتراض مكتوم، ما زالت قدرة المعارضة على التعبير عن رفضها كبيرة جداً. ومثّلت زيارة رئيس وزراء العدو مناسبة لإظهار تلك القوّة، ففضلاً عن تغريدة آية الله الشيخ عيسى قاسم التي قال فيها: «يا نفتالي بينيت... ذكرى 14 فبراير وشعب البحرين الأبي كلّه مقاومة لوجودك»، داس محتجّون العلم الإسرائيلي في الشوارع خلال تظاهرة في الديْه رفضاً لزيارة بينيت، غير عابئين ببطش النظام، الذي ما كان ليصمد لولا الحمايات المتعدّدة، السعودية والأميركية والإسرائيلية.
وعلى رغم حملات القمع المستمرّة بلا هوادة منذ عام 2011، وأحكام السجن والإعدامات بحقّ المعارضين، تمكّنت المعارضة البحرينية من المحافظة على قوّة دفع التحرّكات في الشارع، الذي لا يكاد يمرّ يوم واحد إلّا ويشهد تظاهرات ضدّ النظام، عدا الرفض التامّ لحُكم آل خليفة، بحيث يبدو جلياً للمراقب أن الشعب في مكان والحُكم في مكان آخر، وكأنه سلطة احتلال مسلّطة من الخارج عليه. لقد حاول نظام البحرين في بداية الانتفاضة، إضافة إلى سحقها بالدبابات السعودية بعد شهر من انطلاقتها في 14 شباط 2011، إزالتها من الوجدان الجمعي لشعب البحرين، عبر هدم دوار اللؤلؤة في وسط المنامة الذي مثّل رمزاً للثورة، بعد ثلاثة أيام من دخول القوات السعودية. لكن بعد 11 عاماً، تُمثّل الثورة، كما يبدو، تهديداً للنظام أكبر من أيّ وقت مضى منذ انطلاقتها. وفي المقابل، يجتهد آل خليفة في ابتكار صنوف القمع واستدعاء الحمايات الأجنبية لوأدها، وصولاً حتى استدعاء الاحتلال الاسرائيلي الذي صار دائم الوجود في يوميات هذا النظام، إنْ من خلال المناورات مع الأسطول الأميركي الخامس في البحر، أو من خلال الاتفاقات الأمنية، أو من خلال المحاولات القسرية الفاشلة سلفاً لتغيير طبيعة البلد، تارة عبر محاولة "تهنيده" بتجنيس الهنود، وطوْراً عبر السعي لـ"تهويده" ولو ببضع عشرات من اليهود، وتحويل الاحتلال السعودي، إلى احتلالَين سعودي وإسرائيلي، بواسطة النظام نفسه.